السؤال الثاني كيف يعذبنا بما عملنا وهو عالم بما سنفعله
  الإبتدائي وعلمه غير مؤثر في سبب ولا إيجاب لأن العلم كشف لا تأثير له وقد قالت المجبرة نحو هذا قالت: إن تكليف من يعلم أنه لا يقبل قبيح مستدلين بذلك أن الله يفعل القبيح ولا يقبح منه جل وعلا، والجواب عليهم كما أجاب أصحابنا من وجهين إجمالي وتفصيلي.
  أما الإجمالي: فإنه قد ثبت بالعقل والنقل أن الله عدل حكيم غني عليم وأفعاله كلها حسنة لأن العدل الحكيم لا يفعل القبيح لقبحه ولعلمه ببقبحه، ولاستغنائه عنه فيجب أن نؤمن بأن أفعاله حسنة ولو جهلنا وجه حسنه لهذه القاعدة الحقيقية المقطوع بها عقلاً ونقلاً.
  وأما الجواب التفصيلي: فإن التكليف من الله جل وعلا تعريض للثواب الذي يحسن الإبتداء به لما فيه من الإجلال والإكرام والتعظيم وفعل ذلك لمن لا يستحق قبيح، والثواب لا يستحق إلا بالتكليف فالتكليف حسن لما فيه من التعريض على خير الدنيا والسعادة الأبدية، فالتعريض حسن للعلة الإبتدائية والغائية في حق المؤمن وهو من يقبل، أما الذي لا يقبل فقد حصلت العلة