نصيحة لطلاب العلم،

أحمد بن محمد الوشلي (معاصر)

قصة

صفحة 20 - الجزء 1

  لَقِناً⁣(⁣١) غير مأمون عليه مستعملاً آلة الدين للدنيا، ومستظهراً بنعم الله على عباده وبحججه على أوليائه، أو منقاداً لحملة الحق، لا بصيرة له في أحنائه⁣(⁣٢)، ينقدح الشك في قلبه لأول عارض من شبهة، ألا لا ذا ولا ذاك⁣(⁣٣)، أو منهوماً باللذة، سَلِسَ القيادة للشهوة، أو مغرماً بالجمع والادخار ليسا من رعاة الدين في شيء، أقرب شيء شبهاً بهما الأنعام السائمة، كذلك يموت العلم بموت حامليه، اللهم بلى، لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة، إما ظاهراً مشهوراً، أو خائفاً مغموراً؛ لئلا تبطل حجج الله وبيناته وكم ذا؟ وأين أولئك⁣(⁣٤)؟ أولئك والله الأقلون عدداً، والأعظمون قدراً، يحفظ الله بهم حججه وبيناته حتى يودعوها نُظَراءهم، ويزرعوها في قلوب أشباههم، هجم بهم العلم على حقيقة البصيرة، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون، وأنِسُوا بما استوحش منه الجاهلون، وصحبوا الدنيا


(١) اللقن: من يفهم بسرعة، إلا أن العلم لا يطبع أخلاقه على الفضائل فهو يستعمل وسائل الدين لجلب الدنيا، ويستعين بنعم الله على إيذاء عباده.

(٢) قال ابن أبي الحديد: وهم قوم من أهل الصلاح والخير، ولكنهم ليسوا بذوي بصيرة بالأمور الإلهية الغامضة، فيخاف من إفشاء السر إليهم أن ينقدح في قلوبهم شبهة بادي خاطر.

(٣) أي: لا يصلح لحمل العلم واحد منهما.

(٤) استفهام عن عدد القائمين لله بحجته، وتنبيه على قلتهم، وقوله: وأين أولئك؟ استفهام عن مكانتهم وتنبيه على خفائها.