قصة
  تنفس الصعداء(١) ثم قال: (ياكميل، إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها فاحفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة: فعالم رباني(٢) ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق، يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم، ولم يلجؤا إلى ركن وثيق. ياكميل، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال، المال تنقصه النفقة، والعلم يزكو على الإنفاق، وصنيع المال يزول بزواله(٣). يا كميل، العلم دينٌ يُدَانُ به، به يكسب الإنسان الطاعة في حياته(٤) وجميل الأُحْدُوثة بعد وفاته، والعلم حاكم والمال محكوم عليه. ياكميل، هلك خُزَّانُ الأموال وهم أحياء، والعلماء باقون ما بقى الدهر؛ أعيانهم مفقودة، وأمثالهم في القلوب موجودة، ثم قال #: ها(٥) إنَّ هاهنا لعلماً جماً لو أصبْتُ لُه حَمَلةً، بلى أصبتُ
(١) تنفس طويلاً.
(٢) هو المتأله: العارف بالله. والهمج: الحمقى من الناس، والرعاع: الأحداث الطغام الذين لا منزلة لهم بين الناس، والناعق: الداعي إلى الباطل.
(٣) أي من كان صنيعاً لك متحبباً إليك لمال، زال ما تراه منه بزوال مالك، أما صنيع العلم فيبقى مابقي العلم.
(٤) العلم أشبه بالدين، يوجب علىلمتدين طاعة صاحبه في حياته والثناء عليه بعد وفاته.
(٥) حرف تنبيه.