[الأنبئاء $ مبشرون ومنذرون]
  للآخر، وإن الرجل من أهل الجنة ليمر به الطائر فيشتهيه فيخر بين يديه إما طبيخًا وإما مشويًّا ما خطر بباله من الشهوة، وإن الرجل من أهل الجنة ليكون في جنة من جنانه بين أنواع الشجر إذ يشتهي ثمرة من تلك الثمار فتدلى إليه فيأكل منها ما أراد، ولو أن حوراء من حورهم برزت لأهل الأرض لأعشت ضوء الشمس ولافتتن بها أهل الأرض(١)». فهذه البشارة لمن أطاع الله وأطاعهم، اللهم اجعلنا من أهلها.
  وأما الإنذار: فهو الإنذار لمن لم يجب دعوتهم وعصى الله بدخول نار جهنم - أعاذنا الله منها وإياكم - ويكفي في وصفها ما وصفها الله في كتابه من نحو قوله تعالى: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ}[النساء ٥٦]، {ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا}[الأعلى ١٣]، {وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ}[محمد ١٥]، {وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ}[الكهف ٢٩].
  فليعلم طالب العلم أن المقصد بطلب العلم البحث عن السبيل التي تنجيه من العذاب الأليم، وتوصله إلى جنات النعيم، فلا يغتر بالآباء والأسلاف وإن كانوا على غير هدى من الله وتبصرة، أما إذا
(١) الإمام زيد بن علي # في المجموع [٤١٧]، والإمام الموفق بالله في الاعتبار [٤٦٩] رقم (٤٠٥) عن أبي سعيد، والقاضي جعفر في الأربعون العلوية، الحديث الأربعون.