[شبهة وجوابها]
[شبهة وجوابها]
  وأما من يذهب إلى أن الشفاعة لأهل الكبائر، ويحتج بما روي: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي»؛ فالجواب عليهم من وجوه:
  الأول: أنه معارض للقرآن، وحجج العقول، وكلما عارض القرآن ولم يمكن تأويله فهو كذب مفترى؛ لأن رسول الله ÷ لا يقول بخلاف ما قال الله؛ كيف وقد قال الله: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}[النجم].
  الثاني: أنا نؤول الحديث بأن المراد به أهل الكبائر التائبون.
  ومما يدلّ على بطلان هذا المذهب أن المسلمين مجمعون على أن دعاء الله أن يجعلنا من أهل الشفاعة مندوب حسن؛ فيلزم من هذا أن ندعو الله أن يجعلنا من أهل الفواحش، والسرق، والقتل، وقطع الصلاة، وممن يمنع الزكاة، ويفطر شهر رمضان، ما أبشعه من مذهب يؤدي إلى هذا، وما أشنعه!
  قف أيها المطلع على كتابنا هذا بتدبر وتأمل وإنصاف؛ هل يسوغ أن يلبث نبيئنا ÷ ثلاثًا وعشرين سنة يدعو إلى طاعة الله وإلى امتثال أوامره، والانتهاء عن مناهيه، يشرع لهم الشرائع، ويضع لهم دستورًا حكيمًا لصالح معايشهم وصالح حياتهم؛ فلما استتبّ الأمر بعد جهاد شديد، وكفاح مرير، قال لهم: اعملوا ما شئتم واتركوا الواجبات وافعلوا المحرمات فإني سأشفع