الباب الرابع: في الحقيقة والمجاز
  وَإِنْ وُضِعَ اللَّفظُ الوَاحِدُ لِلمَعَانِي المُتَعَدِّدَةِ لاَ بِاعْتِبَارِ أَمْرٍ اشْتَركَتْ فِيهِ فَهُوَ: المُشْتَركُ اللَّفْظِيُّ، كَعَيْنٍ لِلجَارِحَةِ وَالجَاريَةِ.
  فَصْلٌ: وَالمَجَازُ: هُوَ الكَلِمَةُ المُسْتَعْمَلَةُ فِي غَيرِ مَا وُضِعَت لَهُ فِي اصْطِلاحِ التَّخَاطُبِ لِعَلاَقَةٍ(١) مَعَ قَرينَةٍ(٢)، وَهُوَ نَوعَانِ:
  مُرسَلٌ(٣): كَاليَدِ لِلْنِّعْمَةِ، وَالعَينِ للرَّبيئَةِ(٤).
  وَاسْتِعَارةٌ(٥): كَالأَسَدِ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ. وَقَدْ يَكُونُ مُرَكَّباً كَمَا يُقَالُ لِلمُترَدِّدِ فِي أَمرٍ: أَرَاكَ تُقَدِّمُ رِجْلاً وَتُؤَخِّرُ أُخْرَىْ.
  وَقَدْ يَقَعُ فِي الإِسْنَادِ مِثلُ: جَدَّ جِّدُّهُ(٦). وَلاستِيفَاءِ الكَلامِ فِي ذَلِكَ فَنٌّ آخَرُ.
  وَإِذَا تَردَّدَ الكَلامُ بَينَ المَجَازِ وَالاشْتِرَاكِ حُمِلَ عَلَى المَجَازِ(٧)، وَيَتَمَيَّزُ المَجَازُ مِنَ الحَقِيقَةِ بِعَدَمِ اطِّرَادِهِ(٨) وَصِدقِ نَفيِهِ(٩) وَغَيرِ
(١) والعلاقة: تعلقٌ ما للمعنى المجازي بالمعنى الحقيقي.
(٢) أي: تدل على أن المتكلم لم يرد المعنى الحقيقي.
(٣) إن كانت العلاقة غير المشابهة.
(٤) وهو الجاسوس.
(٥) إن كانت العلاقة المشابهة.
(٦) أي: جدَّ الرجلُ في جدِّه.
(٧) أي: علم كونه حقيقة في أحد معنيين، وتردد في أنه حقيقة في الأخر فيكون مشتركاً؛ أوْ لا فيكون مجازاً، كلفظ النكاح فإنه حقيقة في الوطء وأما في العقد فيحتمل الأمرين.
(٨) كنخلة للرجل الطويل، ولا يطرد في كل طويل.
(٩) كما يقال للبليد: ليس بحمار.