متن الكافل بنيل السؤول في علم الأصول،

محمد بن يحيى بهران (المتوفى: 957 هـ)

الباب الثالث: في المنطوق والمفهوم

صفحة 35 - الجزء 1

البَابُ الثَّالِثِ: فِي المَنْطُوقِ وَالمَفْهُومِ

  المَنْطُوقُ: مَا دَلَّ عَلَيهِ اللَّفْظُ فِي مَحَلِّ النُّطْقِ، فَإِن أَفَادَ مَعْنَىً لاَ يَحْتَمِلُ غَيْرَهُ - فَنَصٌّ، وَدَلالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ، وَإِلاَّ فَظَاهِرٌ، وَدَلالَتُه ظَنِّيَّةٌ، قِيلَ: وَمِنهُ العَامُّ⁣(⁣١).

  ثُمَّ النَّصُّ: إِمَّا صَرِيحٌ، وَهُوَ: مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ بِخُصُوصِهِ⁣(⁣٢)، وَإِمَّا غَيرُ صَرِيْحٍ، وَهُوَ: مَا يَلزَمُ عَنْهُ⁣(⁣٣).

  فَإِنْ قُصِدَ وَتَوقَّفَ الصِّدْقُ أَوِ الصَّحَّةُ العَقْلِيَّةُ أَوِ الشَّرْعِيَّةُ عَلَيْهِ - فَدَلالةُ اقْتِضَاءِ⁣(⁣٤)، مِثْلُ: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ»⁣(⁣٥)، {وَاسْأَلِ القَريَةَ}⁣(⁣٦)، «وَأَعْتِقْ عَبْدَكَ عَنِّي عَلَى أَلْفٍ»⁣(⁣٧).

  وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّفْ وَاقتَرَنَ بِحُكْمٍ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِتَعلِيلِهِ لَكَانَ بَعِيْداً - فَتَنبِيهُ نَصٍّ وَإِيْمَاءٌ، نَحْوَ قَوْلِهِ ÷: «عَلَيْكَ الكَفَّارَةُ» جَوَاباً لِمَنْ قَالَ: جَامَعتُ أَهْلِي فِيْ نَهَارِ رَمَضَانِ⁣(⁣٨)، «إنَّهَا لَيْسَتْ بِسَبُعٍ»، «أَرَأَيْتَ لَوْ تَمَضْمَضْتَ بِمَاءٍ؟»⁣(⁣٩).


(١) المراد به العام قبل التخصيص؛ لأن دلالته على المقصود ظنية؛ لاحتماله التخصيص.

(٢) بأن يدل عليه مطابقة أو تضمناً.

(٣) أي: يدل عليه بدلالة الالتزام.

(٤) أي: يقتضيه اللفظ وليس بنص بصريح.

(٥) فإنه لم يرد رفع نفس الخطأ والنسيان، بل أراد المؤاخذة عليهما. وإلا لكان كذباً؛ لعلمنا بوجودهما فينا.

(٦) العقل يقضي بأنه لا يريد نفس القرية؛ لأنها جمادات وإنما أراد أهلها.

(٧) فإنه لم يرد: أعتقه عني وهو مملوك لك؛ لأن العتق عن الغير لا يصح، بل أراد: اجعله مملوكاً لي ثم أعتقه؛ لتوقف العتق على ذلك.

(٨) فإن الأمر بالتكفير قد اقترن بوصف، وهو المجامعة في نهار رمضان، الذي لو لم يكن لبيان أن العلة في الاعتاق هي تلك المجامعة لكان بعيدًا.

(٩) جواباً على من سأل عن القبلة هل تفطر؟