الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
  قال الخليل: مَن ترك عنعنة تميم، وكشكشة ربيعة، فهو من الفصحاء.
  ومن ذلك ما حكي عن قوم من العرب أنهم يكسرون النون، التي تدخل على الفعل المستقبل فيقول: نِذهب، ونِخرج.
  ومن ذلك جر الاسم لمجاورة المجرور، وإن لم يكن ذلك حقه، كقولهم: جحرُ ضبٍ خربٍ - ولذلك ذهب نُحاة البصرة إلى أنه لا يجوز أن يتأول قول الله ø: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ}[المائدة: ٦]، إذا قُرئ بجر اللام، فيقال: إن ذلك لمجاورة المجرور.
  فأصل الفصاحة أن يَسْلم الكلام من ذلك وأشباهه، وقد سَلِمَ كل القرءان من أوله إلى آخره. فهذا باب من الفصاحة.
  ولهذا قرأ أبو عمر: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ}[مريم: ٦٣]، ولم يتأوله على لغة من يجعل المنصوب للألف، فيقول: «خذ رجلاها واخلع نعلاها».
  ومثل ذلك:
  إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها