الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
صفحة 193
- الجزء 1
  وممن قرأ بالألف من حمله على أنَّ «أَنْ» بمعنى «نعم»، وكره تأويله على الوجه الأول لما قلناه.
  ومن أقسام الفصاحة: أن يكون الكلام مؤلفا من لغات ترتفع عن المبتذل السوقي، وتنحط عن المستفل الحُوشي. ولهذا نجد أشعار الفصحاء المجيدين، نحو امرئ القيس، والنابغة، وزهير، والأعشى، جارية على هذه الطريقة، لا يكاد يوجد فيها الحوشي المستفل، إلا أن تتفق ندرا، وإنما يكثر ذلك في كلام الأجلاف من العرب والمتكلفين، نحو الشماخ، ورؤبة، ومن نحَّا نحوهما.
  فأما السوقي المبتذل، فَقَلَّ ما يتفق في كلام أهل البادية، وإنما يكثر ذلك في كلام الموَلَّدين وأشعارهم، والقرءان من أوله إلى آخره مؤلف من النمط المختار في هذا الباب.
  فهذان القسمان من الفصاحة قد استمرا في جميع القرءان بحمد الله ومنِّه.