الكلام في بيان أن القرءان في أعلى طبقات الفصاحة
  فأراد ø هذا الإيجاز، ثم لما أراد أن يزيد هذه الصفة يسيرا مع البسط، قال: {كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ ١٨ إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ ١٩ تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ ٢٠}[القمر].
  ثم لما أراد أن يزيد على ذلك في البسط، قال عز من قائل: {فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ ٦ سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ٧ فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ ٨}[الحاقة].
  ثم لما أراد ø البسط التام، بسط في السورة التي يذكر فيها هودا صلى الله عليه، والسورة التي يذكر فيها الأعراف، والسورة التي يذكر فيها الشعراء، وعلى هذا أوجز ذكر ثمود، فقال ø: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ٥}[الحاقة]، ثم بسط ذلك في سائر المواضع، ومن ذلك قوله ø: {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللّهِ}[النحل: ٥٣]. فانظر - رحمك الله - إلى هذا الإيجاز مع استيفاء المعنى، تعلم أنه أبلغ ما يمكن في بابه.
  ثم زاد ø بسطه يسيرا، فقال: {وَسَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِّنْهُ}[الجاثية: ١٣].
  وقال أيضا: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[لقمان: ٢٠]، ثم بسط ø ذكر الآية ونعمه في السورة التي يذكر فيها النحل من قوله: {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ٥ ...}