إثبات نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

[قرآن مسيلمة الكذاب]

صفحة 100 - الجزء 1

  ألا ترى أنه لا شك أن التوراة والانجيل والزبور كانت منزلة من عند الله، وإن لم يثبت فيها الاعجاز.

  ومن كلام هذا المهرص الكذاب: «ألم تر كيف فعل ربك بالحبلى».

  وحكى: «لقد منَّ الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى، من بين صفاق وحشا، وأحل لها الزنا». وهذا الكلام وإن كان سخيفا، فإنه أسفـ [ـه] مما تقدم من كلامه. والعلة فيه: أنه أدخل فيه شيئا من ألفاظ القرءان، لأنه أخذ الابتداء من قوله: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ ١}⁣[الفيل]، فجعل «الحبلى» مكان {أَصْحَابِ الْفِيلِ ١}.

  وكذلك فيما حكى من قوله: «لقد منَّ الله على الحبلى»، أخذه من قول الله ø: {لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ}⁣[البقرة: ١٦٤]. فجعل «الحبلى» مكان {الْمُؤمِنِينَ}.

  وقوله: «أخرج منها نسمة تسعى» من ألفاظ القرءان إلا قوله: «نسمة»، فاكتسى هذا الفصل ضربا من الزبرج، لما فيه من ألفاظ القرآن.

  واعلم أن الشاعر يدخل لفظة من القرءان في بيت من الشعر، أو يدخلها الكاتب في فصل من كتابه، والمُحاوِر في فصل من محاورته،