الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

القسم الثالث الإطناب

صفحة 155 - الجزء 1

  وهو ضربان:

  ضرب لا يخرج مخرج المثل؛ لعدم استقلاله بإفادة المراد، وتوقفه على ما قبله، كقوله تعالى: {ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ ١٧}⁣[سبأ: الآية ١٧]؟ إن قلنا: إن المعنى «وهل يجازى ذلك الجزاء».

  وقال الزمخشري: وفيه وجه آخر، وهو أن الجزاء عامّ لكل مكافأة، يستعمل تارة في معنى المعاقبة، وأخرى في معنى الإثابة، فلما استعمل في معنى المعاقبة في قوله: {جَزَيْناهُمْ بِما كَفَرُوا}⁣[سبأ: الآية ١٧] بمعنى عاقبناهم بكفرهم، قيل: {وَهَلْ نُجازِي إِلَّا الْكَفُورَ}⁣[سبأ: الآية ١٧]؟ بمعنى (وهل نعاقب) فعلى هذا يكون من الضرب الثاني.

  وقول الحماسي: [ربيعة بن مقروم الضبي]

  فدعوا نزال، فكنت أوّل نازل ... وعلام أركبه إذا لم أنزل؟⁣(⁣١)

  وقول أبي الطيب:

  وما حاجة الأظعان حولك في الدّجى ... إلى قمر؟ ما واجد لك عادمه⁣(⁣٢)

  وقوله أيضا:

  تمسي الأمانيّ صرعى دون مبلغه ... فما يقول لشيء: ليت ذلك لي⁣(⁣٣)

  وقول ابن نباتة السعدي: [عبد العزيز بن محمد]

  لم يبق جودك لي شيئا أؤمله ... تركتني أصحب الدنيا بلا أمل⁣(⁣٤)

  قيل: نظر فيه إلى قول أبي الطّيّب، وقد أربى عليه في المدح، والأدب مع الممدوح؛ حيث لم يجعله في حيّز من تمنّى شيئا.

  وضرب يخرج مخرج المثل، كقوله تعالى: {وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً ٨١}⁣[الإسراء: الآية ٨١] وقول الذبياني: [النابغة ابن زياد بن معاوية]


(١) البيت من الكامل، وهو لابن مقروم الضبي في الحيوان ٦/ ٤٢٧، وخزانة الأدب ٥/ ٤٩، ٦/ ٣١٧، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ٦٢، وبلا نسبة في الإنصاف ٢/ ٥٣٦، وشرح المفصل ٤/ ٢٧، ولسان العرب (نزل)، وتاج العروس (نزل).

(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ٣.

(٣) البيت من البسيط، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ٨٩.

(٤) البيت من البسيط، ولم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.