القسم الثالث الإطناب
  ولست بمستبق أخا لا تلمّه ... على شعث، أيّ الرجال المهذّب؟(١)
  وقول الحطيئة:
  تزور فتى يعطي على الحمد ماله ... ومن يعط أثمان المكارم يحمد(٢)
  وقد اجتمع الضربان في قوله تعالى: {وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ ٣٤ كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ}[الأنبياء: الآيتان ٣٤، ٣٥]، فإن قوله: {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ} من الأول، وما بعده من الثاني، وكل منهما تذييل على ما قبله.
  وهو أيضا: إما لتأكيد منطوق كلام، كقوله تعالى: {وَقُلْ جاءَ الْحَقُ}[الإسراء: الآية ٨١] الآية.
  وإما لتأكيد مفهومه، كبيت النابغة، فإن صدره دلّ بمفهومه على نفي الكامل من الرجال؛ فحقق ذلك وقرّره بعجزه.
  وإما بالتكميل، ويسمّى الاحتراس أيضا، وهو أن يؤتى به في كلام يوهم خلاف المقصود بما يدفعه.
  وهو ضربان:
  ضرب يتوسط الكلام، كقول طرفة:
  فسقى ديارك - غير مفسدها - ... صوب الرّبيع، وديمة تهمي(٣)
  وقول الآخر: [كثير بن عبد الرحمن]
  لو أن عزّة خاصمت شمس الضّحى ... في الحسن عند موفّق، لقضى لها(٤)
  إذ التقدير: عند حاكم موفّق؛ فقوله «موفّق» تكميل.
  وقول ابن المعتزّ:
(١) البيت من الطويل، وهو للنابغة الذبياني في ديوانه ص ٢٨، ولسان العرب (شعث)، (بقي)، وتهذيب اللغة ١/ ٤٠٦، ٦/ ٢٦٦، ٩/ ٣٤٨، وكتاب العين ٥/ ٢٣٠، وجمهرة اللغة ص ٣٠٧، وجمهرة الأمثال ١/ ١٨٨، وفصل المقال ص ٤٤، والمستقصى ١/ ٤٥٠، ومجمع الأمثال ١/ ٢٣، ومقاييس اللغة ١/ ٢٧٧، وأساس البلاغة (بقي)، وتاج العروس (بقي).
(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان الحطيئة ص ٤٦.
(٣) البيت من الكامل، وهو لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٨٨، وتخليص الشواهد ص ٢٣١، والدرر ٤/ ٩، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٦٢، وبلا نسبة في لسان العرب (همي) وهمع الهوامع ١/ ٢٤١.
(٤) البيت من الكامل، ولم أجده في ديوان كثير عزة.