القسم الثالث الإطناب
  فإن قوله: «وحاشاك» دعاء حسن في موضعه.
  ونحوه قول عوف بن محلم الشيباني:
  إن الثمانين - وبلّغتها - ... قد أحوجت سمعي إلى ترجمان(١)
  والتنبيه في قول الشاعر:
  واعلم - فعلم المرء ينفعه - ... أن سوف يأتي كلّ ما قدرا(٢)
  وتخصيص أحد المذكورين بزيادة التأكيد في أمر علّق بهما، كقوله تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ}[لقمان: الآية ١٤].
  والمطابقة مع الاستعطاف في قول أبي الطّيّب:
  وخفوق قلب لو رأيت لهيبه ... - يا جنّتي - لرأيت فيه جهنّما(٣)
  والتنبيه على سبب أمر فيه غرابة، كما في قول الآخر:
  فلا هجره يبدو - وفي اليأس راحة - ... ولا وصله يبدو لنا فنكارمه(٤)
  فإن قوله: «فلا هجره يبدو» يشعر بأن هجر الحبيب أحد مطلوبيه، وغريب أن يكون هجر الحبيب مطلوبا للمحب؛ فقال: «وفي اليأس راحة» لينبه على سببه. وقوله تعالى: {لَوْ تَعْلَمُونَ}[الواقعة: الآية ٧٦]، في قوله: {فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ ٧٥ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ٧٧}[الواقعة: الآيات ٧٥ - ٧٧] اعتراض في اعتراض؛ لأنه اعترض به بين الموصوف والصفة، واعترض بقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ٧٦}[الواقعة: الآية ٧٦] بين القسم والمقسم عليه.
  ومما جاء بين كلامين متصلين معنى قوله: {فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ يُحِبُ
(١) البيت من السريع، وهو لعوف بن محلم في الدرر ٤/ ٣١، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٢١، وطبقات الشعراء ص ١٨٧، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٦٩، وبلا نسبة في شرح شذور الذهب ص ٥٩، ومغني اللبيب ٢/ ٣٨٨، ٣٩٦، وهمع الهوامع ١/ ٢٤٨.
(٢) البيت من الكامل، وهو بلا نسبة في الدرر ٤/ ٣٠، وشرح شواهد المغني ٢/ ٨٢٨، وشرح ابن عقيل ص ١٩٥، ومعاهد التنصيص ١/ ٣٧٧، ومغني اللبيب ٢/ ٣٩٨، والمقاصد النحوية ٢/ ٣١٣، وهمع الهوامع ١/ ٢٤٨.
(٣) البيت من الكامل، وهو في ديوان المتنبي ١/ ٥٧.
(٤) البيت من الطويل، وهو لابن ميادة في ديوانه ص ٢٢٥، ونقد الشعر ص ١٥١، وكتاب الصناعتين ص ٤٠٩.