الاستعارة
  إشعار بأنه إنسان أو فرس أو غيرهما؛ فلا اشتراك بين معناه وغيره، إلا في مجرد التعيّن، ونحوه من العوارض العامة التي لا يكفي شيء منها جامعا في الاستعارة، اللهم إلا إذا تضمّن نوع وصفية لسبب خارج، كتضمّن اسم حاتم الجواد، ومادر البخيل، وما جرى مجراهما.
  وقرينة الاستعارة إما معنى واحد، كقولك: رأيت أسدا يرمي، أو أكثر، كقول بعض العرب:
  فإن تعافوا العدل والإيمانا ... فإنّ في أيماننا نيرانا(١)
  أي: سيوفا تلمع كأنها شعل نيران، كما قال الآخر: [البحتري]
  ناهضتهم والبارقات كأنها ... شعل على أيديهم تتلهّب(٢)
  فقوله: «تعافوا» باعتبار كل واحد من تعلّقه بالعدل، وتعلّقه بالإيمان؛ قرينة لذلك؛ لدلالته على أن جوابه: أنهم يحاربون ويقسرون على الطاعة بالسيف.
  أو معان مربوط بعضها ببعض، كما في قول البحتري:
  وصاعقة من نصله تنكفي بها ... على أرؤس الأقران خمس سحائب(٣)
  عنى بـ «خمس سحائب» أنامل الممدوح؛ فذكر أن هناك صاعقة؛ ثم قال: «من نصله» فبين أنها من نصل سيفه، ثم قال: «على أرؤس الأقران» ثم قال: «خمس» فذكر عدد أصابع اليد؛ فبان من مجموع ذلك غرضه.
  ثم الاستعارة تنقسم باعتبار الطرفين، وباعتبار الجامع، وباعتبار الثلاثة وباعتبار اللفظ، وباعتبار أمر خارج عن ذلك كله.
  أما باعتبار الطرفين فهي قسمان؛ لأن اجتماعهما في شيء إما ممكن، أو ممتنع، ولتسمّ الأولى وفاقيّة، والثانية عناديّة.
  أما الوفاقية فكقوله تعالى: {فَأَحْيَيْناهُ} في قوله: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ}[الأنعام: الآية ١٢٢] فإن المراد بـ «أحييناه» هديناه. أي: أو من كان ضالّا فهديناه؟ والهداية والحياة لا شك في جواز اجتماعهما في شيء.
  وأما العنادية فمنها ما كان وضع التشبيه فيه على ترك الاعتداد بالصفة وإن كانت
(١) الرجز بلا نسبة في لسان العرب (عيف)، والأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ١/ ٨٧.
(٢) البيت من الكامل، وهو للبحتري في دلائل الإعجاز ص ٢٣٣.
(٣) البيت من الطويل، وهو في ديوان البحتري ١/ ١٧٩، والطراز ١/ ٢٣١.