الاستعارة
  ونحوهما قول بعض العرب: [مضرس بن ربعي]
  فطرت بمنصلي في يعملات ... دوامي الأيد يخبطن السّريحا(١)
  يقول: إنه قام بسيفه مسرعا إلى نوق فعقرهن ودميت أيديهن فخبطن السّيور المشدودة على أرجلهن.
  وكاستعارة الفيض لانبساط الفجر في قوله: [البحتري]
  كالفجر فاض على نجوم الغيهب(٢)
  فإن الفيض موضوع لحركة الماء على وجه مخصوص، وذلك أن يفارق مكانه دفعة؛ فينبسط انبساط شبيه بذلك.
  وكاستعارة التقطيع لتفريق الجماعة وإبعاد بعضهم عن بعض في قوله تعالى: {وَقَطَّعْناهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً}[الأعراف: الآية ١٦٨] فإن القطع موضوع لإزالة الاتصال بين الأجسام التي بعضها ملتصق ببعض؛ فالجامع بينهما إزالة الاجتماع التي هي داخلة في مفهومهما، وهي في القطع أشدّ.
  وكاستعارة الخياطة لسرد الدّرع في قول القطامي:
  لم تلق قوما هم شرّ لإخوتهم ... منّا عشيّة يجري بالدم الوادي(٣)
  نقريهم لهذميّات نقدّ بها ... ما كان خاط عليهم كلّ زرّاد
  فإن الخياطة تضم خرق القميص، والسّرد يضم حلق الدّرع؛ فالجامع بينهما الضم الذي هو داخل في مفهومهما، وهو في الأول أشد.
  وكاستعارة النثر لإسقاط المنهزمين وتفريقهم في قول أبي الطيب:
(١) البيت من الوافر، وهو لمضرس بن ربعي في شرح أبيات سيبويه ١/ ٦٢، وشرح شواهد الشافية ص ٤٨١، ولسان العرب (ثمن)، (يدي)، وله أو ليزيد بن الطثرية في شرح شواهد المغني ص ٥٩٨، ولسان العرب (جزز)، والمقاصد النحوية ٤/ ٥٩١، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر ٢/ ٦٠، والإنصاف ٢/ ٥٤٥، وجمهرة اللغة ص ٥١٢، وخزانة الأدب ١/ ٢٤٢، والخصائص ٢/ ٢٦٩، وسر صناعة الإعراب ص ٥١٩، ٧٧٢، والكتاب ١/ ٢٧، ٤/ ١٩٠، ولسان العرب (خبط)، ومغني اللبيب ١/ ٢٢٥، والمنصف ٢/ ٧٣.
(٢) صدر البيت:
يتراكمون على الأسنة في الوغى
والبيت من الكامل، وهو في ديوان البحتري ١/ ٨٢.
(٣) البيتان من البسيط، وهما للقطامي في ديوانه ص ٨١، والمطول شرح تلخيص المفتاح ص ٦٠٠، والأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ٢/ ٢٨٣.