الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

الاستعارة

صفحة 229 - الجزء 1

  وقد يجتمع التجريد والترشيح كما في قول زهير:

  لدى أسد شاكي السلاح مقذّف ... له لبد أظفاره لم تقلّم⁣(⁣١)

  والترشيح: أبلغ من التجريد؛ لاشتماله على تحقيق المبالغة، ولهذا كان مبناه على تناسي التشبيه حتى إنه يوضع الكلام في علوّ المنزلة وضعه في علوّ المكان، كما قال أبو تمام:

  ويصعد حتى يظنّ الجهول ... بأن له حاجة في السماء⁣(⁣٢)

  فلو لا أن قصده أن يتناسى التشبيه، ويصمم على إنكاره فيجعله صاعدا في السماء من حيث المسافة المكانية؛ لما كان لهذا الكلام وجه.

  وكما قال ابن الرومي:

  يا آل نوبخت لا عدمتكم ... ولا تبدّلت بعدكم بدلا⁣(⁣٣)

  إن صحّ علم النجوم؛ كان لكم ... حقا إذا ما سواكم انتحلا

  كم عالم فيكم وليس بأن ... قاسى ولكن بأن رقى فعلا!

  أعلاكم في السماء مجدكم ... فلستم تجهلون ما جهلا

  شافهتم البدر بالسؤال عن ال ... أمر إلى أن بلغتم زحلا

  وكما قال بشار:

  أتتني الشمس زائرة ... ولم تك تبرح الفلكا⁣(⁣٤)

  وكما قال أبو الطيّب:

  كبّرت حول ديارهم لما بدت ... منها الشموس وليس فيها المشرق⁣(⁣٥)

  وكما قال: [أبو الطيب المتنبي]

  ولم أر قبلي من مشى البدر نحوه ... ولا رجلا قامت تعانقه الأسد⁣(⁣٦)


(١) البيت من الطويل، وهو في ديوان زهير بن أبي سلمى ص ٢٤، ولسان العرب (قذف)، (مكن)، وتهذيب اللغة ٩/ ٧٦، وجمهرة اللغة ص ٩٧٤، وتاج العروس (قذف).

(٢) البيت من المتقارب، وهو في ديوان أبي تمام ٤/ ٣٤، وأسرار البلاغة ص ٣٤٤.

(٣) الأبيات من المنسرح، وهي في أسرار البلاغة ص ٣٤٤، ٣٤٥، وأنوار الربيع ص ٧٧.

(٤) البيت من مجزوء الوافر، وهو في ديوان بشار بن برد ص ١٧١، وأسرار البلاغة ص ٣٥٤، والإشارات والتنبيهات ص ٢٠٣.

(٥) البيت من الكامل، وهو في ديوان المتنبي ١/ ٧٢.

(٦) البيت لم أجده في ديوان المتنبي (طبعة دار الكتب العلمية).