الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 254 - الجزء 1

  جريا على مقتضى اللازم فيمن كان مأمورا حقيقة من تقديم التنبيه؛ ليتمكن الأمر الوارد عقيبه في نفس المنادى؛ قصدا بذلك لمعنى الترشيح.

  ثم قدم أمر الأرض على أمر السماء؛ لابتداء الطّوفان منها، ونزولها لذلك في القصة منزلة الأصل.

  ثم أتبعهما قوله: {وَغِيضَ الْماءُ} لاتصاله بقصة الماء.

  ثم أتبعه ما هو المقصود من القصة، وهو قوله: وقضي الأمر» أي: أنجز الوعد من إهلاك الكفرة، وإنجاء نوح ومن معه في السفينة، ثم أتبعه حديث السفينة، ثم ختمت القصة بما ختمت.

  هذا كله نظر في الآية من جانب البلاغة.

  وأما النظر فيها من جانب الفصاحة المعنوي؛ فهي - كما ترى - نظم للمعاني لطيف وتأدية لها ملخصة مبينة لا تعقيد يعثر الفكر في طلب المراد، ولا التواء يشيك الطريق إلى المرتاد، بل ألفاظها تسابق معانيها ومعانيها تسابق ألفاظها.

  وأما النظر فيها من جانب الفصاحة اللفظية؛ فألفاظها على ما ترى عربية، مستعملة، جارية على قوانين اللغة، سليمة عن التنافر، بعيدة عن البشاعة، عذبة على العذبات، سلسة على الأسلات، كل منها كالماء في السلاسة، وكالعسل في الحلاوة، وكالنسيم في الرّقّة، والله أعلم.