الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

تقسيم السكاكي للبلاغة

صفحة 256 - الجزء 1

  أو حرفين، كقوله تعالى: {لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ}⁣[البقرة: الآية ٢٨٦]، وقول الشاعر: [قيس بن الملوّح]

  على أنني راض بأن أحمل الهوى ... وأخلص منه، لا عليّ، ولا ليا⁣(⁣١)

  وإما بلفظين من نوعين كقوله تعالى: {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ}⁣[الأنعام: الآية ١٢٢] أي: ضالّا فهديناه، وقول طفيل: [بن عوف الغنوي]

  بساهم الوجه، لم تقطع أباجله ... يصان، وهو ليوم الرّوع مبذول⁣(⁣٢)

  ومن لطيف الطّباق قول ابن رشيق:

  وقد أطفؤوا شمس النهار، وأوقدوا ... نجوم العوالي في سماء عجاج⁣(⁣٣)

  وكذا قول القاضي الأرجاني:

  ولقد نزلت من الملوك بماجد ... فقر الرجال إليه مفتاح الغنى⁣(⁣٤)

  وكذا قول الفرزدق:

  لعن الإله بني كليب، إنهم ... لا يغدرون، ولا يفون لجار⁣(⁣٥)

  يستيقظون إلى نهيق حمارهم ... وتنام أعينهم عن الأوتار⁣(⁣٦)

  وفي البيت الأول تكميل حسن، إذ لو اقتصر على قوله: «لا يغدرون» لاحتمل الكلام ضربا من المدح؛ إذ تجنّب الغدر قد يكون عن عفّة، فقال: «ولا يفون» ليفيد أنه للعجز، كما أن ترك الوفاء للّؤم.

  وحصل مع ذلك إيغال حسن؛ لأنه لو اقتصر على قوله: «لا يغدرون ولا يفون» تمّ المعنى الذي قصده، ولكنه لما احتاج إلى القافية أفاد بها معنى زائدا؛ حيث قال: «لجار» لأن ترك الوفاء للجار أشدّ قبحا من ترك الوفاء لغيره.


(١) روي البيت بلفظ:

فليتكم لم تعرفوني وليتكم ... تخليت عنكم لا عليّ ولا ليا

والبيت من الطويل، وهو بهذا اللفظ للمجنون في ديوانه ص ٢٩٧.

(٢) البيت من الطويل، وهو في ديوان طفيل الغنوي ص ٥٤.

(٣) البيت من الطويل، وهو لابن رشيق القيرواني في تحرير التحبير ص ١١٢، ونهاية الأرب ٧/ ١٠٠، والطراز ٢/ ٣٧٢.

(٤) البيت من الكامل، ولم أجده.

(٥) البيتان من الكامل، وهما في ديوان الفرزدق ١/ ٣٦٠، وكتاب الصناعتين ص ٣١٣.

(٦) الأوتار: مفردها: وتر، وهو الثأر.