الإيضاح في علوم البلاغة،

الخطيب القزويني (المتوفى: 739 هـ)

القول في أحوال الإسناد الخبري

صفحة 29 - الجزء 1

  العرب حشوا، يقولون: «عبد الله قائم» و «إن عبد الله قائم» و «إن عبد الله لقائم» والمعنى واحد، بأن قال: بل المعاني مختلفة؛ فـ «عبد الله قائم» إخبار عن قيامه، و «إن عبد الله قائم» جواب عن سؤال سائل، و «إن عبد الله لقائم» جواب عن إنكار منكر.

  ويسمى النوع الأول من الخبر ابتدائيا، والثاني طلبيّا، والثالث إنكاريّا، وإخراج الكلام على هذه الوجوه إخراجا على مقتضى الظاهر.

  وكثيرا ما يخرج على خلافه، فينزّل غير السائل منزلة السائل؛ إذا قدم إليه ما يلوّح له بحكم الخبر؛ فيستشرف له استشراف المتردد الطالب، كقوله تعالى: {وَلا تُخاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُوا إِنَّهُمْ مُغْرَقُونَ}⁣[هود: الآية ٣٧]، وقوله: {وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ}⁣[يوسف: الآية ٥٣]، وقول بعض العرب:

  فغنّها، وهي لك الفداء ... إنّ غناء الإبل الحداء⁣(⁣١)

  وسلوك هذه الطريقة شعبة من البلاغة فيها دقة وغموض، وروي عن الأصمعي⁣(⁣٢) أنه قال: كان أبو عمرو بن العلاء⁣(⁣٣) وخلف الأحمر⁣(⁣٤) يأتيان بشّارا⁣(⁣٥)، فيسلمان عليه


= الأشعث الكندي البصري ثم البغدادي، المعروف بالكندي فيلسوف العرب وأحد أبناء ملوكها، كان عارفا بالطب والرياضيات والمنطق وسائر العلوم. ولد بالبصرة، وتوفي ببغداد سنة ٢٦٠ هـ له المئات من المصنفات. (انظر كشف الظنون ٦/ ٥٣٧ - ٥٤٣).

(١) الرجز بلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٩٦٤، ١٠٤٧.

(٢) الأصمعي: هو عبد الملك بن قريب بن عبد الملك بن علي بن أصمع الأصمعي الباهلي، الإمام أبو سعيد البصري الأديب اللغوي، ولد سنة ١٢٣ هـ، وتوفي بالبصرة سنة ٢١٥ هـ، له من التصانيف: الأحناس، في أصول الفقه، أسماء الخمر، أصول الكلام، الأضداد في اللغة، خلق الإنسان، خلق الفرس، كتاب الإبل، كتاب الأبواب، كتاب الأخبية والبيوت، كتاب الأراجيز، كتاب الاشتقاق، كتاب الأصوات، كتاب فعل وأفعل، كتاب الألفاظ، كتاب الأمثال، كتاب الأنواء، كتاب الأوقات، كتاب جزيرة العرب، كتاب الخراج، كتاب الخيل، كتاب الدلو، كتاب الرحل، كتاب السرج واللجام والشوى والنعال، كتاب السلاح، كتاب الشاة والغنم، كتاب الصفات، كتاب غريب الحديث والقرآن، كتاب غريب الحديث والكلام الوحشي، كتاب الفتوح، كتاب الفرق، كتاب القلب والإبدال، كتاب اللغات، كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه، كتاب ما تكلم به العرب فكثر في أفواه الناس، كتاب المذكر والمؤنث، كتاب المصادر، كتاب معاني الشعر، كتاب المقصور والممدود، كتاب مياه العرب، كتاب الميسر والقداح، كتاب النبات، كتاب النحل والعسل، كتاب النسب، كتاب النوادر، كتاب نوادر الأعراب، كتاب الوحوش، كتاب الهمزة وتحقيقها، وغير ذلك. (كشف الظنون ٥/ ٦٢٣ - ٦٢٤).

(٣) هو أبو عمرو بن العلاء، زبان بن العلاء بن عمار بن الريان المازني البصري، أكثر القراء السبعة شيوخا، أخذ القراءة عن أنس بن مالك، وحميد بن قيس الأعرج، وسعيد بن جبير، وشيبة بن نصاح، وأبي العالية، وعاصم بن أبي النجود، وعبد الله بن كثير المكي، وعطاء، ومجاهد، وابن =