الفصل الأول القول في السرقات الشعرية وما يتصل بها
  إذا ساء فعل المرء ساءت ظنونه ... وصدّق ما يعتاده من توهّم(١)
  وكقول صاحب «الوشي المرقوم، في حلّ المنظوم»(٢) يصف قلم كاتب: «فلا تحظى به دولة إلا فخرت على الدّول، وغنيت به عن الخيل والخول، وقالت: أعلى الممالك ما يبنى على الأقلام لا على الأسل» حلّ قول أبي الطيب أيضا:
  أعلى الممالك ما يبنى على الأسل(٣)
  وكقول بعض كتاب العصر في وصف السيف: «أورثه عشق الرّقاب نحولا؛ فبكى والدّمع مطر تزيد به الخدود محولا» حلّ قول أبي الطيب أيضا:
  في الخدّ إن عزم الخليط رحيلا ... مطر تزيد به الخدود محولا(٤)
  وأما التلميح فهو: أن يشار إلى قصة أو شعر من غير ذكره.
  فالأول: كقول ابن المعتز:
  أترى الجيرة الذين تداعوا ... عند سير الحبيب وقت الزّوال(٥)
  علموا أنني مقيم وقلبي ... راحل فيهم أمام الجمال
  مثل صاع العزيز في أرحل القو ... م ولا يعلمون ما في الرّحال
  وقول أبي تمام:
  لحقنا بأخراهم وقد حوّم الهوى ... قلوبا عهدنا طيرها وهي وقّع(٦)
  فردّت علينا الشمس والليل راغم ... بشمس لهم من جانب الخدر تطلع
  نضا ضوؤها صبغ الدّجنّة وانطوى ... لبهجتها ثوب السماء المجزّع
  فو الله ما أدري: أأحلام نائم ... ألمّت بنا، أم كان في الرّكب يوشع
  أشار إلى قصة يوشع بن نون، فتى موسى @، واستيقافه الشمس فإنه
(١) البيت من الطويل، وهو في ديوان المتنبي ٢/ ٢٢٢.
(٢) صاحب «الوشي المرقوم في حل المنظوم»: هو ضياء الدين نصر الله بن محمد بن محمد المعروف بابن الأثير الجزري، المتوفى سنة ٦٣٧ هـ. (كشف الظنون ٢/ ٢٠١٢).
(٣) البيت بتمامه:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل ... والطعن عند محبيهن كالقبل
وهو من البسيط، انظر ديوان المتنبي ٢/ ٢٢.
(٤) البيت من الوافر، وهو في ديوان المتنبي ١/ ١٨٩. (٥) الأبيات من الخفيف، وهي في الإشارات والتنبيهات ص ٢٩٢.
(٦) الأبيات لأبي تمام، في الأطول شرح تلخيص مفتاح العلوم ٢/ ٥٢٠.