أيام أبي جعفر المنصور
  انبعث به وهو غافل لم يتأهب له، وفي رجليه سلسلة، وفي عنقه زمّارة(١)، فهوى وعلقت الزمارة بالمحمل، فرأيته منوطا بعنقه يضطرب، ورأيت [عبد الله بن حسن] جزع وبكى بكاء شديدا(٢).
  أخبرني عمر بن عبد الله، قال حدثنا أبو زيد، قال: حدثني عيسى بن زيد، قال: حدثني صاحب محمد بن عبد الله:
  أن محمدا، وإبراهيم كانا يأتيان أباهما معتمين في هيئة الأعراب، فيستأذنانه في الخروج، فيقول: لا تعجلا حتى تملكا، ويقول:
  إن منعكما أبو جعفر أن تعيشا كريمين فلا يمنعكما أن تموتا كريمين(٣).
  * * *
  أخبرني عمر، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثني موسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، قال:
  لما صرنا بالربذة أرسل أبو جعفر إلى أبي: [أن](٤) أرسل إليّ أحدكم، واعلم أنه غير عائد إليك أبدا. قال: فابتدره(٥) بنو أخيه يعرضون عليه أنفسهم فجزاهم خيرا، وقال: أنا أكره أن أفجعهم بكم، ولكن اذهب أنت يا موسى.
  قال: فذهبت وأنا يومئذ حديث السن، فلما نظر إليّ قال: لا أنعم الله بك عينا، السياط يا غلام، فضربت والله حتى غشي عليّ، قال: فما أدري بالضرب، قال: فرفعت السياط واستقربني فقربت منه، فقال: أتدري ما هذا؟ هذا فيض فاض مني فأفرغته عليك منه سجلا لم أستطع رده، ومن ورائه والله الموت أو تفتدى منه.
  قلت: يا أمير المؤمنين، والله ما لي ذنب، وإني لمنعزل من هذا.
(١) في القاموس: الزمارة: الساجور وهو خشبة تعلق في عنق الكلب.
(٢) الطبري ٩/ ١٩٦.
(٣) ابن الأثير ٥/ ١١ والطبري ٩/ ١٩٤.
(٤) الزيادة من الطبري.
(٥) كذا في الطبري، وفي النسخ «فأنقذت».