[في الترغيب في الحج]
  تنزل على الحجاج؛ حجاج بيت الله الحرام كل يوم مائة وعشرون رحمة، ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين إلى بيت الله رب العالمين.
  أيها المؤمنون: هذا هو أوان الحج، وإن لقبول الحج شروطاً منها وأهمها: أن يكون ذلك خالصاً لوجه الله، فلا يقصد به رياء ولا سمعة ولا وجاهة ولا غيرها، وإنما رضاء الله.
  ومنها: أن يكون المأكل والمشرب والمركب والمسكن حلالاً لا من ربا ولا من رشوة، ولا مأخوذ من أموال الناس بالباطل، ولا تشوب ذلك شائبة من الحرام أو من المشتبه بالحرام فالحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة ومن تركها فقد استبرأ لدينه وعرضه.
  ومنها: أن يكون الحج مبروراً، ففي الحديث عن رسول الله ÷: «الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة»، ويروى أن علامة القبول أو أن ذلك الحج مبرور هو أن يعود الحاج من هناك من بيت الله الحرام من تلك المشاعر المقدسة يعود زاهداً في الدنيا راغباً في الآخرة، وقد يُفَسَّرُ المبرور بما لا يخالجه إثم ولا بغي ولا ذنب من الذنوب {فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧]، من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
  أيها المؤمنون: هانحن في شهر عظيم وهو شهر ذي القعدة الحرام، شهر منزلته عظيمة وحرمته جسيمة، عظَّمه الله وأعلا مكانته وقدره، وعناه وعشر ذي الحجة بقوله ø: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً}[الأعراف: ١٤٢]، وهو أحد الأشهر الحرم، ولا يخفى ما للأشهر الحرم من المكانة، ولذلك حرم الله فيها القتال، يدل عليه قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا