خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[بعض منافع العقل]

صفحة 127 - الجزء 1

الخطبة الأولى

[بعض منافع العقل]

  أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

  

  الحمد لله رب العالمين، الحمد لله فاتح أبواب رحمته لمن طرقها، الحمد لله موضح منهاج السعادة لقلوب وفقها، الحمد لله قابل الحمد من ألسنة بحمده أنطقها، الحمد لله شاكر البذل من أيد هو الذي أعطاها ورزقها، نحمده على ما أنعم، ونشكره على ما ألهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الأعظم، وأشهد أن سيدنا ومولانا محمداً عبده ورسوله الأكرم صلى الله عليه وعلى آله الطاهرين، وبارك وترحم وتحنن وسلم.

  عباد الله: نتواصى بتقوى الله وطاعته، والخوف منه، والرجوع إليه.

  أيها الناس: عجباً لابن آدم زُخْرِفَتْ له الجنة فأبعده عنها كسَلُهُ، وتسعرت النار فأوقعه فيها زلَلُهُ، ناداه الرحمن فكأنه لندائه لم يسمع، وناجاه الشيطان فلبى دعوته وأسرع، وذلك لأنه لم يستعمل عقله لما خلق له، إن الإنسان تفوَّق على كل من شاركه في الحياة بهذه الهبة الغالية العظيمة التي منحه الله بها وهي العقل، فامتاز على الحيوانات بصعوده من حضيض البهيمية إلى مرتفع الإنسانية، وقد كان في أول حياته ضعيفاً لا يعلم شيئاً ولا يقوى على شيء، ولا يستطيع ما يستطيعه بعض الحيوانات.

  نعم؛ هذا الإنسان بهذا الخلق، ولكنه بهذه النعمة العظمى، والهبة الكبرى، خرج من مصاف الحيوانات، وارتقى إلى قمة الإنسانية، فبهذا العقل العظيم يستطيع أن يفكر