[سلوك الموحد في الحياة]
  والأرض، ولا لأحد منهما من شرك، الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، والأرض ومن عليها ممهدة بقدرته، مسيرة بمشيئته، وفي حكمته، هو الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً فيبسطه في السماء كيف يشاء ثم يجعله كسفاً فترى الودق يخرج من خلاله، وهو الذي سخر الفلك تجري في البحر بأمره، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه، وهو الذي جعل الأرض مذللة ليمشي الناس في مناكبها ويأكلوا من رزقه، كل من في السموات والأرض خلقه وعباده، الملائكة في السموات، والجن والإنس في الأرض، كلهم في قبضته وقدرته، وطوع مشيئته، الملائكة جنده المطيعون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، والجن والإنس لا يخرجون عن مشيئته وسلطانه: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ}[الرحمن: ٣٣]، ومن تمرد منهم على العبودية لله اليوم فسيعترف بها غداً: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا ءَاتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا ٩٣ لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا ٩٤ وَكُلُّهُمْ ءَاتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ٩٥}[مريم: ٩٥]، هو تعالى شأنه مع عباده جميعاً بعلمه وإحاطته: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ}[الحديد: ٤]، الكون كله عاليه ودانيه، وناطقه وصامته، أحياؤه وجماداته، خاضع لأمر الله، منقاد لقانون الله، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده: {تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}[الإسراء: ٤٤]، إن تسبيح الكون له كله، وسجوده له سبحانه وتعالى، حقيقة كبيرة، عميت عنها أعين، وصمَّت عنها آذان، وجهلها الغافلون، ولكنها تجلت للمؤمنين، الذي ينظرون بأعين بصائرهم، ويسمعون بآذان قلوبهم، فإذا هم يرون الوجود كله محراباً، والعوالم