خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في مكارم الأخلاق]

صفحة 37 - الجزء 1

  سائلاً حتى فرغ منها، وكان ÷ يتفقد أصحابه، ويعطي كل جلسائه نصيبه، ولا يحسب جليسه أن أحداً أكرم عليه منه، من جالسه أو قاربه لحاجة صابَرَه حتى يكون هو المنصرف عنه، ومن سأله حاجة لم يرده إلا بها أو بميسور من القول، قد وسع الناس بسطه وخلقه فصار لهم أباً وصاروا عنده في الحق سواءً، وكان دائم البشْر، سهل الطبع، لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ، ولا صخاب ولا فحاش، ولا عتاب ولا مداح، يتغافل عما لا يشتهي.

  وعن عائشة قالت: ما كان أحد أحسن خلقاً من رسول الله، ما دعاه أحد من أصحابه ولا أهل بيته إلا قال لبيك، وكان يمازح أصحابه ويخالطهم ويجاريهم ويداعب صبيانهم، ويجلسهم في حجره، ويجيب دعوة الحر والعبد والأمة والمسكين، ويعود المرضى في أقصى المدينة، ويقبل عذر المعتذر، لم يُرَ قط ماداً رجليه بين أصحابه، يكرم من يدخل عليه وربما بسط له ثوبه، ويؤثره بالوسادة التي تحته، ويعزم عليه في الجلوس عليها إن أبى، ويكني أصحابه، ويدعوهم بأحب أسمائهم تكرمة لهم، ولا يقطع على أحد حديثه، وكان ÷ يصل ذوي رحمه.

  وعن أبي قتادة قال: لما جاء وفد النجاشي قام النبي ÷ يخدمهم، فقال له أصحابه: نكفيك، فقال: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين وإني أحب أن أكافئهم، وكان يركب الحمار ويردف خلفه، ويعود المساكين، ويجالس الفقراء، ويجلس بين أصحابه، مختلطاً بهم، وحج ÷ على رحل رث عليه قطيفة ما تساوي أربعة دراهم فقال: اللهم حجة لا رياء فيها ولا سمعة، ولما فتحت عليه مكة ودخلها بجيوش المسلمين طأطأ رأسه على راحلته حتى كاد يمس قادمته تواضعاً لله تعالى، وكان