خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الأخلاق الحسنة]

صفحة 43 - الجزء 1

الخطبة الأولى

[في الأخلاق الحسنة]

  

  الحمد لله رب ا لعالمين، الحمد لله على ما عرفنا به من نفسه وألهمنا من شكره، وفتح لنا أبواب العلم بربوبيته، ودلنا عليه من الإخلاص له في توحيده، وجنبنا من الإلحاد والشك في أمره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الحكيم العليم، ماكان ليخلق الناس عبثاً، ولا أن يتركهم في هذه الأرض سدىً، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خيرة الله من خلقه، وصفوته من عباده ÷.

  أما بعد:

  اعلموا عباد الله أن الإيمان قوة يعصم بها الإنسان نفسه من ارتكاب المحارم، ويدفع صاحبه إلى عمل الطاعات والأخلاق الحسنة، فالعبادات التي شرعت في الإسلام، واعتدت أركاناً في الإيمان مفروضة على العبد لتعويده على حياة بأخلاق صحيحة، وأن يتمسك بها مهما تغيرت الظروف والأوقات، والقرآن الكريم والسنة النبوية يبينان لنا هذه الحقيقة في أركان الإيمان، فالصلاة الواجبة أبان الله الحكمة في إقامتها بقوله: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}⁣[العنكبوت: ٤٥]، فالابتعاد عن الرذائل والتطهير من سوء القول والعمل هو حقيقة الصلاة، وقد جاء في حديث يرويه النبي ÷ عن ربه: «إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، ولم يبت مصراً على معصيتي، وقطع النهار في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب»، والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ بل هي غرس