خمسون خطبة للجمع والأعياد،

لا يوجد (معاصر)

[في الأخلاق الحسنة]

صفحة 44 - الجزء 1

  للرحمة في قلوب الأغنياء وتوطين لنفوسهم على التآخي والإحساس بالفقراء حتى لا يضيعوا بينهم، وقد نص القرآن على معنى الزكاة في قوله: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا}⁣[التوبة: ١٠٣]، وتطهير النفس من أدران النقص ورفع المجتمع إلى أعلى المستويات هو الحكمة الأولى من فرضها، ومن أجل ذلك جعلت الصدقة باب واسع يرده الضعيف والقوي، والفقير والغني، وقد قال النبي ÷: «تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة».

  وكذلك شرع الإسلام الصوم فلم ينظر إليه على أنه حرمان بعض الوقت للنفس عن الأطعمة والأشربة بل اعتبره حرمان للنفس طول حياتها عن الشهوات المحرمة، ومن شواهد ذلك قوله ÷: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه»، وقال ÷: «ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث، فإن سابك أحد أو جهل عليك فقل إني صائم»، والقرآن الكريم يبين لنا منافع الصوم بقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}⁣[البقرة: ١٨٣]، لأن الصائم أمنع لنفسه وأردع لها من مواقعة السوء.

  أما الحج فقد يعتبره الإنسان رحلةً خاليةً عن المعاني الخلقية وهذا خطأ، فقد قال تعالى متكلماً عنه: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا