[فضل المساجد]
  ويخلل لحيته ثلاثاً، ثم يغسل ذراعيه ويدير الماء على مرفقيه ثلاثاً، ثم يمسح رأسه، فيغسل رجليه ثلاثاً، فلنا به أسوة حسنة كما أمرنا الله إذ يقول: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}[الأحزاب: ٢١]، فاتقوا الله الذي إليه تحشرون، وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون.
  أيها المؤمنون: إن هذه المساجد هي بيوت الله التي يؤمها الصادقون ليكونوا فيها مع الله في مناجاة صادقه، وفي ذكر وخشوع، تاركين دنياهم ومشاغلها يستلهموا من تراث الإسلام، تراث سيد البشرية محمد ÷ كما قال عبدالله بن مسعود وقد رأى بعض أصحابه تشغلهم الأسواق عن التردد إلى أعمال الخير، فقال لهم يوماً: «أنتم ها هنا وميراث رسول الله ÷ يقسم في المسجد، فظن أولئك أن الصحابة يتقاسمون أموالاً تركها رسول الله ÷ فأسرعوا إلى المسجد ليأخذوا نصيبهم منها، فعندما دخلوا لم يجدوا غير حلقات تنعقد إحداهما على القرآن، وتنعقد الأخرى على التفقه في الدين، وما إلى ذلك من تعاليم الإسلام وأدابه السامية وأخلاقه العظيمة، فعاد القوم وقد خابت آمالهم، عادوا ليسألوا ابن مسعود عما يتقاسمه المسلمون من تراث رسول الله؟!، فقال: عجباً؛ وهل ترك إلا العلم النافع والآثار الحميدة التي تشد الناس بعضهم إلى بعض، وتجعل منهم خير أمة أخرجت للناس»، وكل ذلك كان ينطلق من المسجد، وصدق الله حيث يقول: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ ٣٦ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ٣٧}[النور: ٣٦ - ٣٧]، إن الله تعالى وله المنة، قد خلق وسخر لنا ما في الأرض نتقاسمه