الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

(1) ترجمة القاضي جعفر

صفحة 21 - الجزء 1

  فيه، فواعد الشريف العفيف للتقدم إليه وعزم عليه. فلما عاد إلى (مَسْلَت) وأقام بها أياماً تقدم في شهر ربيع الأول سنة تسع وخمسين طريق مَسْوَر والباقر إلى أن وصل حضور الأحبوب، فوصله الشريف العفيف والقاضي جعفر بن أحمد بن [أبي] يحيى إلى هنالك وأعلماه بجميع ما لحقهم من المطرفية»⁣(⁣١).

  وأستخْلِصُ من رواية الثقفي للأحداث أن تلك الأحداث قد امتدت ست سنوات تقريبا، بدءاً بعودة القاضي من العراق والتقائه بالإمام سنة (٥٥٤ هـ) وانتهاء بوصول القاضي جعفر والشريف العفيف إلى الإمام في (حَضُور الأحبوب) سنة (٥٥٩ هـ). ومن الجدير بالذكر هنا أنه خلال هذه الفترة كان توجُّه القاضي جعفر إلى (إب) المناظرة أهل السنة كما سأذكره لاحقا.

  يواصل الثقفي الرواية دون فضل فيقول: «وضرب القاضي الأجل مثلاً آخر للمطرفية فقال: مثلهم ومثلي كمثل عراة في مسجد وهم في ظلمة الليل، وأصواتهم مرتفعة بالقراءة والصلاة، وهم يصلون عراة إلى غير قبلة، فدخل عليهم رجل بمصباح فوجدهم على أقبح فعال⁣(⁣٢) عراة، فأجمعوا على الذي دخل بالمصباح يلعنونه ويسبونه، فقال: ليس لي جرم غير أني دخلت بمصباح، فقالوا: بلى، إنك أظهرت ما كنَّا نكتمه. فهذا مثلي ومثل القوم»⁣(⁣٣). وتوجه الإمام # ومعه القاضي ومن كان معه من أهل (سناع) وغيرهم إلى أهل (حَضُوْر) ودعا الناس وعقد اجتماعاتٍ معهم «وعرفهم بخلاف المطرفية في الدين وما هم عليه، وأنهم قد نكثوا البيعة وأظهروا البدعة، فتبرأ أهل حضور منهم، وواعدهم، وتقدم إلى بلد (بَكيِل) فجمعهم وتحدث معهم مثل ذلك»⁣(⁣٤).


(١) سيرة الإمام أحمد بن سليمان للثقفي: (٢٨٤).

(٢) كذا في السيرة. ولعلها: «حال».

(٣) سيرة الإمام أحمد بن سليمان للثقفي: (٢٨٤).

(٤) سيرة الثقفي: (٢٨٥).