الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[فيما اتفق عليه الزيدية في الأجسام والأعراض الضرورية، ومخالفة المطرفية في ذلك]

صفحة 65 - الجزء 1

  قيل لهم: فالجذام جسم أو عرض؟ فإن قال: هو جسم. قيل له: فيجب أن يكون فِعلاً الله سبحانه، وإلا نقضت قولك: إن جميع الأجسام فِعْله.

  وإن قال: هو عَرَض. قيل له: ضروري أو اختياري؟ فإن قال: اختياري. خرج من مذهبه بوجهين:

  أحدها: أنه يذهب إلى أن ذلك ليس من الأعراض الاختيارية؛ لأن من حق الاختياري عنده أن يقدر العبد على أن يبدل مكانه سواه ويخرج⁣(⁣١) منه إلى غيره متى اختاروا [ذلك فهو]⁣(⁣٢) حاصل في الجذام.

  والثاني: أنه يرى أن فعل العبد لا يَعْدُوه، ولا يقدر إلا على حركة أو سكون، ولا شك أن الجذام ليس كذلك.

  فبطل أن يكون اختياريًّا.

  وإن قال: هو ضروري. قيل له: فقد لزمك أن يكون فعلاً لله تعالى، وإلا نقضت قولك: إنه فاعل لجميع الأعراض الضرورية.

  فثبت أنه فعل⁣(⁣٣) لله تعالى، ولم يصح له ما تَوَهَّم من تنزيه الله سبحانه عنه.

  ثم يقال له: إذا ثبت أنه فِعْلُهُ فهل فَعَلَهُ أم لا؟ فإن قال: هو فِعْلُهُ ولم يفْعَلْهُ. ظهرت مناقضته لكل عاقل، وقيل له: فإذا لم يفعلْه فكيف يصح أن يكون فِعْلَهُ ومعلوم أن أحداً متى أراد نفيه عن الله سبحانه وإخراجه من أن يكون فِعْلاً له - لم يزِدْ على قوله: «لم يفعلْهُ الله» شيئاً، فكيف تنفي ما أثبتَّ وتناقض قولك وتزعم أنك صاحب مذهب تناظر عليه؟!


(١) نهاية ٢٠ أ (ش).

(٢) في (ش) أكثره غير ظاهر بسبب الرطوبة، وما أثبته اجتهاد.

(٣) في (ش): (فعلا).