الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[فيما اتفق عليه الزيدية في الأجسام والأعراض الضرورية، ومخالفة المطرفية في ذلك]

صفحة 66 - الجزء 1

  وإن قال: بل فَعَلَهُ الله. قيل له: فهل فَعَلَهُ في حال حدوثه أو قبل حدوثه أو بعده؟ فإن قال: لم يفعله في حال حدوثه ولا قبله ولا بعده. رجع إلى المناقضة السابقة، ونفاه عن الله بأبلغ وجوه النفي.

  فإن قال: فَعَلَهُ قبل حدوثه. لزمه أن يكون موجودا في حال هو معدوم،: وذلك محال. وإن قال: فَعَلَهُ بعد حدوثه. لزم أن يكون قد أوجد الموجود منه، وإيجاد الموجود محال.

  والسؤال باق أيضاً؛ لأنه يقال له: فمن الذي أحدثه في حال حدوثه الله أم غيره؟ فإن قال: أحدثه غيرُ الله. نفاه عن الله ونقض ما أجمع عليه.

  وإن قال: أحدثه الله في تلك الحال - وهي حال حدوثه - فقد رجع إلى الحق، وسقط خلافه الذي تمسك به.

  ثم يقال: له: ألست توافق أن جميع أفعال الله سبحانه إرادةٌ ومرادٌ له؟

  فإن قال: لا أوافق على ذلك. خرج من مذهب الهادي⁣(⁣١) #، ونقض ما هو معروف من مذهب المطرفية، وقيل [له]: لو كان الله سبحانه يفعل ما لا يريد من ذلك لزم أن يكون تعالى مخطئاً فيما فعله، وذلك لا يجوز عليه؛ إذ لا يصح الخطأ إلا على جاهل بموقع فعله، عاجز عن التصرف فيه كيف شاء، كما


(١) يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم الرسي، الحسني، أبو الحسين، الهادي إلى الحق: علامة متكلم أصولي فقيه مجتهد مطلق، مجاهد، شاعر، أحد عظماء الإسلام وكبار أئمة أهل البيت الكرام، ولد بالمدينة المطهرة سنة (٢٤٥ هـ)، ونشأ بها استدعاه أهل اليمن فبويع بالإمامة سنة (٢٨٠ هـ)، خاض حروبا كثيرة مع القرامطة وغيرهم. وخطب له بمكة المشرفة سبع سنين. توفي سنة (٢٩٨ هـ) عن ثلاث وخمسين سنة، ومشهده بصعدة مشهور مزور. له مجموع مطبوع يضم كثيرا من مؤلفاته الكلامية و (الأحكام في الحلال والحرام) في الفقه طبع، و (المنتخب) و (الفنون) في الفقه، طبعا في مجلد. أعلام المؤلفين الزيدية: (١١٠٣) ترجمة (١١٨٦) والأعلام للزركلي: (٨: ١٤١).