الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[فيما اتفق عليه الزيدية في الأجسام والأعراض الضرورية، ومخالفة المطرفية في ذلك]

صفحة 68 - الجزء 1

  ثم يقال له: ألست توافق أن الله سبحانه عدل حكيم؟ فإن قال: لا أوافق على ذلك. خرج من المذهب المعروف للأئمة $ وما عليه كافة أهل الإسلام ومما يظهره المطرفية أيضاً من الوفاق في هذه المسألة، وأبطل مذهبه أيضاً في الإحالة، فإنه إنما أثبتها لتنزيه الله سبحانه بزعمه من هذه الأشياء التي: أنكرها، ولو لم يكن عنده أنه عدل حكيم لم يَحْتَجْ إلى هذا التنزيه البارد.

  وإن قال: أوافقُ على أنه عدل حكيم. قيل له: فهل جميع أفعاله حكمة وصواب أم بعضها دون بعض؟

  فإن قال: دونها⁣(⁣١) بعضها دون بعض. قيل: فكيف يكون حكيماً من كان يجري في أفعاله الظلم والعدل والإنصاف والجور والعبث والحكمة، وهذا معلوم بطلانه؛ فإن من وقع في أفعاله هذا التخليط لم يوصف بأنه عدل ولا حكيم ... (⁣٢) ذلك خرج من مذهبه في تنزيه⁣(⁣٣) [الله] سبحانه من هذه الآفات؛ لأنه ... (⁣٤) أن يفعل ما ليس بحكمة ولا صواب لم يصح تنزيهه عن ذلك، بل يكون ذلك من جملة أفعاله التي هي خارجة عن باب الحكمة.

  وإن قال: بل جميع أفعاله حكمة وصواب. قيل له: فإذا صح ذلك وقد أجمعت أن جميع الأجسام والأعراض الضرورية فعله لا فعل غيره - فقد يَبَتَ أن جميعها حكمة وصواب؛ فلزمك أن يكون الجذام حكمة وصواباً لأنه فعله سبحانه، وإلا نقضتَ ما أجمعتَ عليه وخرجتَ من مذهبك في أنه فعله أو في أن جميع أفعاله حكمة وصواب.


(١) كذا، ولعلها زائدة.

(٢) في (ش) كلمة أو اثنتان في أسفل الصفحة لم يظهر معظمها بسبب التصوير.

(٣) نهاية ٢١ أ (ش).

(٤) في (ش) كلمتان أو ثلاث غير ظاهرة بسبب الرطوبة.