الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

طريقة أخرى

صفحة 69 - الجزء 1

  وهذا لا محيص للمطرفية عنه، وفيه إبطال ما توهموه في هذه المسألة وأمثالها؛ وعلى هذا النحو يجري الكلام معهم في البرص والعمى وموت الأولاد وغير ذلك، فأيُّ مسألة عن ذلك وقع الكلام قيل لهم: هل المذكور جسم أو عرض؟ وأُعيدتْ عليهم المطالبات التي يصيرون فيها بين أمرين: إما أن ينقضوا ما أجمعوا عليه، ويصيروا إلى ما لا يُعقل ولا يقولون به، فيخرجون من مذهبهم. وإما أن يوافقوا على الحق، فيخرجوا أيضاً من مذهبهم.

  فلا بد لهم من الخروج من مذهبهم الذي يتمسكون به على كل حال.

طريقة أخرى

  يقال لهم: إذا كنت تزعمون أن هذه الحوادث حصلت بإحالة الأجسام بعضها البعض. قيل: هذه الأجسام من الجمادات مختارة لوقوع هذه الإحالة منها أو مجبورة على ذلك؟ فإن قالوا: لا مختارة ولا مجبورة. خرجوا من مذهبهم؛ إذ لا يخرج عن هذين النوعين شيء من الأشياء عنده.

  وإن⁣(⁣١) قالوا: بل هي مختارة لها. أثبتوها حية قادرة، وذلك باطل، وخرجوا عن المعقول، فإن المعلوم أن هذه الجمادات غير حية ولا قادرة، وفيه خروج من مذهبهم أيضاً؛ لأنهم لا يقولون إنها مختارة.

  وإن قالوا: إنها مجبورة على ما وقع منها. قيل لهم: فالذي يقع من المجبور هو فِعْلُ جَابِرِهِ أو فِعْلُ غيره؟ فإن قالوا: فِعْلُ غير جابره. أبطلوا وأخرجوه عن⁣(⁣١) كونه مجبورا على ما وقع منه.

  وإن [قالوا: فعل]⁣(⁣٣) جابرِهِ. قيل لهم: فلا شك أن جابره هو الله سبحانه


(١) في (ش): «ثم وإن»، ولعل الأصوب ما أثبت.

(٢) نهاية ٢١ ب (ش).

(٣) في (ش) غير واضح بسبب الرطوبة.