طريقة أخرى
  الذي خلقه على ما هو عليه.
  فصح أن هذه الحوادث التي يسمونها إحالة واستحالة فِعْلُ الله سبحانه، ويجب أن يكون فاعلا لها في وقت حدوثها وإلا انتقض كونها فعْلاً له، ويجب أن يكون مريداً لها في وقت حدوثها وإلا انتقض أن تكون جميع أفعاله إرادة له ومرادا على ما تقدم، ويجب أن تكون حكمة وصوابا وإلا انتقض ما وقع الإجماع عليه من أنه عدل حكيم وأن جميع أفعاله حكمة وصواب على ما تقدم؛ فبطل ما توهموه من تنزيه الله سبحانه من هذه الآفات النازلة بالخلق.
طريقة أخرى
  يقال لهم: إذا كنتم تزعمون أن الله سبحانه خلق الأصول ليكون منها الفروع، فهل خلقها ليحدث سبحانه منها هذه الفروع في الوقت الذي يشاء حدوثها منها أو جعلها مجبورة على حدوث هذه الفروع؟ فإن قالوا بالأول أبطلوا مذهب الإحالة، وصح أن الأفعال موقوفة على اختيار الله سبحانه يفعل منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء، وفي ذلك رجوعهم إلى الحق وخروجهم عن مذهبهم.
  وإن قالوا: بل قد جبرها على حصول هذه الفروع منها يوم خلقها وليس لله سبحانه سوي خلقه لأصولها مجبورة على الإحالة والاستحالة.
  قيل لهم: فما بال الفروع لم تحدث صفقة واحدة ذلك اليوم؟ وما الذي أوجب تقديم بعضها على بعض وتأخر بعضها عن بعض، مع أن الذي يوجب حصول الأول هو الذي يوجب حصول الآخر؟ وما الذي اقتضى حصول الأشياء المختلفة شيئاً بعد شيءٍ كالشتاء والصيف والمطر والصحو والجدب والخصب وغير ذلك من الأمور، والعالَم الذي هو مجبور على حصول هذه منه قد وجد وليس وجودها موقوف على اختيار فاعل يختار تقديم شيء منها على شيء، فكان هذا يوجب حصول الجميع دفعة واحدة؛ لأن الموجب لذلك