طريقة أخرى
  حاصل موجود، فلما علمنا حصول هذه الأشياء مرتبة هذا الترتيب علمنا أنها موقوفة على اختيار فاعلها ø، يفعل منها في كل وقت ما يشاء {وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ٢٧}(١).
طريقة أخرى
  يقال لهم(٢): أنتم تزعمون أن الله سبحانه [خلق هذا العالَم](٣) للصلاح يمكن منه الفساد، فأخبرونا ما تعنون بقولكم: «خلقه للصلاح» أتريدون بذلك أنه مجبور على الصلاح أو مختار له؟ فإن قالوا: مختار له. خرجوا من مذهبهم وقالوا بما لا يعقل على ما تقدم.
  وإن قالوا: مجبور عليه. قيل لهم: فما معنى قولكم: «يمكن منه الفساد» أتريدون بذلك أنه مختار للفساد أو مجبور عليه؟
  فإن قالوا: مجبور أيضاً عليه. قيل لهم: فقد نراكم سويتم بين الصلاح والفساد في أن العالم مجبور عليها، فيما معني فرقكم بينهما حتى أضفتم أحدهما إلى الله سبحانه على أنه فَعَلَهُ أو قَصَدَهُ أو أراده دون الآخر؟! وهذا فرق لا يعقل بعدما قضيتم بأنهما جميعا يحصلان منه بالجبر لا بالاختيار. وإن صح ذلك فما بال أحدهما يحصل دون صاحبه وهو مجبور عليها معاً؟ ولِمَ لَمْ يحصلا دفعة واحدة؟ على ما تقدم في الطريقة الأولى.
  فقد ظهر بطلان قولهم هذا.
  ثم يقال لهم: فإذا كانا حاصلين معاً بالجبر، فهل أرادهما الله أم لا؟ فإن
(١) سورة الشورى من الآية ٢٧.
(٢) نهاية ٢٢ أ (ش).
(٣) في (ش) غير واضح بسبب الرطوبة.