الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

طريقة أخرى

صفحة 75 - الجزء 1

  على أن يجبره على ما يريد دون ما لا يريد أم لا⁣(⁣١)؟ فإن قالوا: لم يكن قادرا على ذلك. قيل: فهذ إلحاق العجز به وإثبات الضعف له، تعالى⁣(⁣٢) عن ذلك.

  وإن قالوا: بل هو قادر على أن يجبره على وجه لا يحصل منه إلا ما يريد⁣(⁣٣) وعالم بما يحصل منه.

  قيل⁣(⁣٤): فلا يحسن⁣(⁣٥) من القادر على ما يريد العالم بما يفعل أن يحصل من أفعاله شيء⁣(⁣٦) لا يريده، ألا ترى أن الكاتب منا إذا كان قادرا على تصريف قلمه كيف شاء وعالِماً بمواقعه فإنه لا يجوز أن يقع من قلمه ما لا يريده من الكتابة، وإنما يقع ذلك من الساهي الذي زال علمه والعاجز الذي لا يملك تصريفه، كما في الرامي الذي يرسل سهمه وهو يريد إصابة شخص فيصيب شخصاً آخر، فإنها حصل منه ما لا يريده لجهله بموقع سهمه، وعجزه عن تصريفه بعد إرساله؛ فإذا كان الله سبحانه عالِماً لا يجوز عليه الجهل، وقادرا لا يجوز عليه العجز لم يصح أن يقال: إنه جَبَرَ العالَمَ على أن يحصل منه⁣(⁣٧) من هذه الإحالات ما لا يريد⁣(⁣٨)، وبَطَلَ بذلك ما توهمه أهل الإحالة⁣(⁣٩) والاستحالة؛ لأنهم ظنوا أنه يسوغ لهم أن يضيفوا إلى الله تعالى من ذلك فعلا على أنه لا يريده، وهذا باطل.


(١) ليس في (ش): «أم لا».

(٢) في (ك): «وهو يتعالى».

(٣) في (ك): «يريده».

(٤) زاد في (ك): «له».

(٥) في (ش): «يجوز».

(٦) في (ك): «شيء من أفعاله» بتقديم وتأخير.

(٧) في (ش): «منهم».

(٨) في (ك): «يريده».

(٩) نهاية ١٤١ ب (ك)، وهنا تنتهي الصفحتان الأوليان من (ك).