[في قولهم: إنه تعالى قصد الأصول ولم يقصد الفروع]
  فكأنكم قلتم: لم يخلق الفروع. وهذا يوضح عِظَمَ خطأهم في ذلك.
  وإن قالوا: إن معنى قولنا: إنه قصد الأصول هو أنه أوجدها من غير أصل. قيل لهم: هذا خروج من مذهب الهادي #؛ لأن المأثور عنه في (البالغ الْمُدْرِك) أنه تعالى قصد هذه الفروع مع أنه أوجدها من أصول سابقة؛ لأنه لَمَّا: ذكر مخلوقات الله سبحانه المشاهدة من السماء والأرض وما بينهما من الحيوانات - قال: «ففلَمَّا شهدت العقول على أن هذا هكذا ثبت أن لها مديراً حكيماً دبرها، ومعتمداً اعتمدها، وقاصداً قصدها، ليس بشبيه ولا نظير»(١).
  فصح من مذهبهم أن معنى قولنا: «قصد» كمعني قولنا: «خلق»، لا فرق بينهما، فالذي يقول: إنه تعالى لم يقصد هذه الفروع أو شيئاً منها كالذي يقول: إنه لم يخلق ذلك.
  وقد ورد عن الإمام القاسم بن إبراهيم(٢) # في كتاب (الدليل الصغير) مثل ذلك، فإنه ذكر هذه المخلوقات وبَيَّنَ أنه لا بد لها من مدبر دبرها و معتمد اعتمدها(٣). ومثل ذلك مذكور عن الإمام الحسين بن القاسم(٤) وعن
(١) مجموع كتبه ورسائله: طبعة مؤسسة الإمام زيد بن علي الثقافية: كتاب البالغ المدرك: ص (٤١). وطبعة دار الحكمة اليمانية: كتاب البالغ المدرك: ص (١٤٧).
(٢) القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد، المعروف ب «الرَّسِي»، نجم آل الرسول: العلامة المتكلم الأصولي الفقيه المجتهد المطلق الشاعر، أحد عظماء الإسلام وكبار أئمة العترة الكرام. مولده بالمدينة سنة (١٦٩ هـ) تقريبا. دعا لنفسه بالإمامة بعد استشهاد أخيه محمد بن إبراهيم (١٩٩ هـ) ولم يتمكن من الظهور، استقر أخيراً في (الرَّس) وبها توفي سنة (٢٤٦ هـ). طبع كثير من مؤلفاته في (مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن إبراهيم الرسي). التحف: (١٧٨) و (الإفادة في تاريخ الأئمة السادة: ترجمته) و (أعلام الوجيه: ٧٥٩، ترجمة: ٨٢٢) و (الأعلام: ٥: ١٧١).
(٣) كتاب (الدليل الصغير) مطبوع ضمن مجموع كتبه ورسائله في المجلد الأول.
(٤) هو الحسين بن القاسم بن علي بن عبد الله بن محمد بن القاسم الرسي، الحسني، اليمني، =