الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم: إنه تعالى قصد الأصول ولم يقصد الفروع]

صفحة 80 - الجزء 1

  انفجار الحجر بالماء وما جرى هذا المجرى؛ فيجب على أصلكم هذا أن لا تكون هذه المعجزات مقصودة، أو يبطل قولكم إن القصد هو ما ذكرتم من إيجاد الشيء من غير أصل أو على غير المعتاد.

  ومن قال منهم بأن المعجزات غير مقصودة، بل حصلت بطريق الإحالة والاستحالة. قيل له: إنه يلزمك أن لا تثق بصدق من ظهرت عليه؛ لجواز أن لا يريد الله سبحانه ظهورها عليه، بل حصلت بالإحالة، كما أنك تقول: لا يريد حصول هذه الأولاد والأموال للكفار ولم يرد الله حصولها، بل حصل ذلك بالإحالة، وكان يلزم أن يكون الله سبحانه أراد ظهورها على شخص فخرجت على غيره من الكاذبين، كما أنه أراد حصول هذه النعم والخيرات في الدنيا للمؤمنين فحصلت بالإحالة للكافرين؛ ومتى جوزتم ذلك أبطلتم الثقة بالأنبياء كافة، وسددتم باب معرفة الشرائع، وخرجتم من مذهبكم في تصديق الرسل، ومتى لم تجوزوا ذلك أبطلتم ما ذهبتم إليه من أن ذلك حاصل بالإحالة من غير قصد من الله سبحانه إلى إظهاره على من أظهره عليه ولا تخصيص له به دون غيره.

  ثم يقال لهم جميعاً: ما تقولون في الآخرة وما يحصل فيها من نعيم الجنة وعذاب النار، أهل⁣(⁣١) ذلك يحصل بقصد من الله سبحانه إلى إيجاده حالاً بعد حال أو يحصل بالإحالة والاستحالة على طريقتكم في حوادث الدنيا؟

  فإن قالوا: يحصل ذلك بالقصد والعمد. أبطلوا ما ذكروه من أن معني القصد هو إيجاد الشيء من غير أصل أو على غير الوجه المعتاد؛ لأن جميع ما يحصل في الآخرة هو حاصل من أصل، وهو هذه الأجسام الموجودة في الدنيا، وهو جار على الوجه المعتاد بعد الدفعة الأولى، قال الله تعالى: {كُلَّمَا رُزِقُوا


(١) كذا في (ش).