الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم: إنه تعالى قصد الأصول ولم يقصد الفروع]

صفحة 84 - الجزء 1

  تلك الفروع الحادثة في أوقاتها؛ فيجب مثل ذلك في الدنيا.

  وبهذا يتضح أن ما ظنه أهل الفطرة والتركيب في هذه الإحالة والاستحالة غير صحيح، بل منتقض بها تقدم ذكره.

  ثم يقال لهم: أنتم أبدا تعلقون بالعبارات الموجودة في القرآن الكريم إذا اقتضت تعليق الأفعال الحادثة بأسبابها وشروطها، نحو قوله تعالى: {اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا}⁣(⁣١) وقوله: {فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ ٥}⁣(⁣٢) وما جرى هذا المجرى، وتظنون أن ذلك دليل على الإحالة والاستحالة، وأنه لولا ثبوتها لما صحت هذه العبارات، وتزعمون أن ذلك حاصل من غير قصد، وأنه لو كان مقصوداً لما صح هذا التعليق. فيقال لهم: أليس أنه سبحانه قد علق مثل هذه الأفعال بأسبابها وشروطها وإن كانت مقصودة، كما قال تعالى: {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}⁣(⁣٣) وقال: {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}⁣(⁣٤) وقال: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا}⁣(⁣٥) وأمثال ذلك من المعجزات، وقال تعالى في النقم: {فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ ١١ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ١٢}⁣(⁣٦) وقال: {فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ ١٤}⁣(⁣٧) وقال: {إِنَّا


(١) سورة الروم من الآية ٤٨.

(٢) سورة الحج من الآية ٥.

(٣) سورة الشعراء من الآية ٦٣.

(٤) سورة البقرة من الآية ٦٠.

(٥) سورة الأعراف من الآية ١٦٠.

(٦) سورة القمر الآيتان ٢١ و ١٣.

(٧) سورة العنكبوت من الآية ١٤.