الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم: إنه تعالى قصد الأصول ولم يقصد الفروع]

صفحة 85 - الجزء 1

  أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ ١٩ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ ٢٠}⁣(⁣١) وأمثال ذلك من النقم التي هي مقصودة، فكما لم يمنع إضافتها إلى أسبابها وشروطها من أن تكون مقصودة كذلك لا يمتنع إضافة نبات الأرض إليها وإثارة الرياح للسحاب إليها من كون ذلك كله مقصودا، وكما لم يجب في هذه المعجزات والنِّقَم أن تكون حاصلة بالإحالة⁣(⁣٢) والاستحالة لأجل هذه الإضافة [كذلك لا يجب]⁣(⁣٣) في إضافة هذه المخلوقات الأخرى من نبات الأرض وإثارة الرياح للسحاب إلى أسبابها وشروطها أن تكون حاصلة بالإحالة والاستحالة، وهذا بين لمن أنصف.

  ثم يقال لهم: إنا نجد مثل هذه الإضافة حاصلة في الأعراض أيضا، فقد أضاف سبحانه الأثر في ذلك إلى الأعراض، نحو قوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ ٤٤}⁣(⁣٤) وقوله: {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ}⁣(⁣٥) وقوله: {فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ ٧٨}⁣(⁣٦) وأمثال ذلك، فما تقولون هل ذلك يدل على أن هذه الأعراض تحيل وتستحيل، وأن هذه الحوادث حاصلة فيها لا من الله أم لا؟ فإن قالوا: تدل على ذلك. خرجوا من مذهبهم وقالوا بما يعقل.

  وإن قالوا: لا تدل على ذلك، بل الأفعال لله سبحانه أحدثها باختياره، سيما


(١) سورة القمر الآيتان ١٩ و ٢٠.

(٢) نهاية ٢٦ ب (ش).

(٣) في (ش) غير واضحة، وأثبتها اجتهادا.

(٤) سورة الذاريات من الآية ٤٤.

(٥) سورة فصلت من الآية ١٧.

(٦) سورة الأعراف الآية ٧٨. وفي المخطوطة: «فأخذتهم الرجفة وهم ظالمون»، وهو غلط، خلط بين هذه الآية وبين آية الطوفان السابقة