[في قولهم: إنه تعالى قصد الأصول ولم يقصد الفروع]
  بقصده واختياره.
  قيل لهم: فارضوا بمثل ذلك في هذه الجهادات وقولوا بأن إضافة هذا النفع إليها لا يوجب أن يكون حاصلا بإحالتها ولا يمنع من كون الله سبحانه فاعلا له و قاصدا لفعله أيضاً، وهذا خروج من مذهب الإحالة.
  وإن قالوا: إن تعليقه النفع بهذه الأعراض يدل على أنه حاصل بإحالتها.
  خرجوا أيضاً من مذهبهم. وعلى أن في النفع الذي ذكره بقوله: {وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ}(١) نفع الذهب والفضة، ومعلوم أن نفعهما ليس حاصلا بإحالتهما، وإنما نفعهما بأنهما زينة وثَمَن، وفيه بطلان الإحالة والاستحالة.
  ثم يقال لهم: ألستم توافقون على أن الله سبحانه لا يفعل شيئاً من الظلم؟ فإن قالوا: لا نوافق على ذلك. أوجبوا أن يكون الله تعالى ظالِماً ونقضوا ما أجمعوا عليه في المسألة الأولى من أنه عدل حكيم.
  وإن قالوا: نوافق على ذلك. قيل لهم: فإذا ثبت أن المرض وغيره من الآفات والنقائص النازلة بالمؤمنين والأطفال والمجانين فهْلُهُ بما تقدم من الدلالة، فهل يعوض عليها أم لا؟ فإن قالوا: يعوض عليها. خرجوا من مذهبهم في نفي العوض وإنكاره.
  وإن قالوا: لا يعوض عليها. قيل لهم: فما يخرجها عن باب الظلم ومعلوم أن الظلم: هو الضرر العاري عن نفع أو دفع أو استحقاق، وهذه صفات هذه الآفات والنقائص إذا عريت عن غرض؛ لأنها نازلة بمن لا يستحق العقاب من هؤلاء المذكورين، ولا شك أنه لا يدفع بها عنه ضرراً أعظم منها كما في الفصد والحجامة، فإذا لم يكن عليها عوض صارت ضرراً عارياً عن نفع
(١) سورة الرعد من الآية ١٧.