[في قولهم: إن ما يحصل في المفعول به فعل الله تعالى]
  ودفع واستحقاق فتكون ظلماً، وقد ثبت أن الله فاعلها فيكون عندكم فاعلاً للظلم، تعالى الله عن ذلك، وفي(١) ذلك نقضكم إما أجمعتم عليه من أنه تعالى لا يفعل الظلم، وخروج من مذهبكم في ذلك.
[في قولهم: إن ما يحصل في المفعول به فعل الله تعالى]
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن ما يحصل في المفعول به نحو جراحات المضروبين والمطعونين والْمُزْمِنِين والمرجومين وما أشبه ذلك - فعل الله سبحانه، فما تقولون في ذلك أهو ظلم أم لا؟ فإن قالوا: هو ظلم. فقد أضافوا الظلم إلى الله تعالى وخرجوا من مذهبهم ونقضوا موضع الإجماع، ولزمهم أيضاً أن يكون مَنْ وُجِدَ ذلك فيه ظالِماً على أصلهم؛ لأنهم يزعمون أن مَنْ وُجِدَ فيه الظلم كان ظالِماً، وإلا خرجوا من مذهبهم في ذلك.
  وإن قالوا: ليس بظلم. قيل لهم: فيجب أن لا يكون مَنْ أصابه ذلك مظلوماً؛ لأنه لم يفعل فيه شيء من الظلم، ويجب أيضاً أن يصح إضافة ذلك إلى الجاني من الخلق كالضارب والقاتل وغيرهما؛ لأن الذي لأجله امتنعتم من إضافة ذلك إليه هو أنه لا يقوم الظلم ببدن المؤمن لئلا(٢) يكون ظالماً، فإذا قلتم: إن الواقع ببدنه من هذه الجراحات والألم ليس بظلم لم يمتنع إضافته إلى الجاني من الخلق، وبطل ما ذهبتم إليه وخرجتم من مذهبكم.
  ثم إذا صح لكم أنه ليس بظلم فيجب أن يصح من الله تعالى إذا كان فعلاً له أن يكون قاصداً إليه ولا يكون ظالماً بقصده ما ليس بظلم، وهذا خروج من مذهبكم.
  ويقال لهم أيضاً: إذا كان من وقع به الظلم ووجد فيه ظالماً عندكم فمن
(١) نهاية ٢٧ ب (ش).
(٢) في (ش): «لأن لا».