[في قولهم: إن المساواة واجبة في الخلق والرزق]
  على اختياره، وأنتم مع ذلك تضيفون ذلك إلى الله سبحانه؛ فانتقضت هذه الدلالة على أصلكم هذا، إلا أن تنسبوا إليه جميع ما يوجد في المفعول به من هذه الأفعال التي يفعلها بآلات، نحو ما يحصل بالسيوف والرماح من الآلام والجراح وما جرى هذا المجرى.
  ثم يقال لهم: فلماذا تنسبون حركة السيف وما يحصل به من القطع في بدن المضروب إلى الله تعالى؟ فإن قالوا: لأنه الذي خلق هذه الأشياء تتصرف لمن صرفها، فلولا أنه خَلَقَ السيف يتحركُ لِمَنْ حَرَّكَهُ لم يصح تحريكه، وكذلك فلولا أنه خلق البدن ينقطع لِمَنْ قَطَعَهُ لم يصح قطْعُهُ، فلذلك سمينا(١) ما يحصل من هذه الأجسام إليه وسميناه انفعالاً.
  قيل لهم: فهذا يوجب عليكم أن تنسبوا حركة اليد إلى الله سبحانه أيضاً؛ لأنه لولا خلقه لها تتحرك لِمَنْ حَرَّكها لما صح تحريكها ولا احْتِرَاكها، فأنتم بين أمرين: إما أن تجعلوا حركة اليد فعلاً لله سبحانه لما ذكرتم، وهذا خروج من مذهبكم، وإما أن تجعلوا حركة القلم والسيف فعلاً للعبد، وهذا خروج من مذهبكم أيضاً؛ إذ لا وجه لهذه التفرقة التي لا تُعقل.
[في قولهم: إن المساواة واجبة في الخلق والرزق]
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن المساواة واجبة على الله تعالى في الخلق والرزق وما يتبعها، فإذا قيل لكم(٢): وما المساواة بين الخلق هي الخلق أو غيره؟
  فإن قلتم: هي الخلق. قيل لكم: فإيجاد الخلق على الله واجبٌ أو تَفَضُّل؟ فإن قلتم: واجبٌ. خرجتم من مذهبكم؛ لأن ابتداء الخلق تفضل بلا شك
(١) كذا في (ش)، ولعلها: «نسبنا».
(٢) نهاية ٢٨ ب (ش).