الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم: إن المساواة واجبة في الخلق والرزق]

صفحة 91 - الجزء 1

  وإن قلتم: إيجاده تَفَضُّلٌ منه سبحانه. قيل لكم: فإذا كانت الْمُساواة هي الخلق، والخلق تَفَضُّلٌ منه سبحانه فكيف تقولون بوجوبه؟! وهل هذا إلا مناقضة ظاهرة.

  ثم يقال لهم: هل ساوى الله سبحانه بين الذكر والأنثى؟ فإن قالوا: نعم. كابروا العيان وكذبوا القرآن، قال الله سبحانه: {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى}⁣(⁣١) وقال: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}⁣(⁣٢).

  وإن قالوا: ليسوا بسواءٍ. خرجوا من مذهبهم في المساواة.

  ثم يقال لهم: القسمة بين الذكر والأنثى سواء في الأرزاق؟ فإن قالوا: نعم. كابروا العيان وكذبوا القرآن، فقد ورد القرآن به، قال الله تعالى: {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ}⁣(⁣٣).

  وإن قالوا: لم يساو الله تعالى إلا بين الجنس الواحد، فالذكور جنس والإناث جنس آخر. قيل لهم: إذا رضيتم بهذه الْمُغالطة فارضوا بمثلها من خصومكم الذين يقولون: إن الْمَرْضَى جنسٌ والأصحاء جنسٌ والأغنياء جنسٌ والفقراء جنسٌ، فلَمْ يساو الله بين صحيح و مريض ولا بين غني وفقير، وفي ذلك بطلان مذهب الْمُساواة مِنْ قَرْنِهِ إلى قَدَمِه.

  وعلى هذا النحو يجري الكلام في سائر وجوه المساواة التي يدعونها.


(١) سورة آل عمران من الآية ٣٦.

(٢) سورة النساء من الآية ٣٤.

(٣) سورة النساء من الآية ١٧٦.