[في قولهم: إن الله لم يرزق العاصي، بل هو مغتصب لرزقه]
[في قولهم: إن الله لم يرزق العاصي، بل هو مغتصب لرزقه]
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن الله سبحانه لم يرزق عاصياً، بل العاصي مغتصِب لرزقه، فما تقولون في يهوديٍّ يموت ويترك اثنين: أحدهما يهودي والآخر مسلم، ويخلف عشرة آلاف مثقال، لِمَنْ تكون رزقاً مِنَ الله حلالاً؟: فإن قالوا: لابنه المسلم دون الابن اليهودي. خرجوا من مذهبهم، بل مِنْ فِرَقِ الإسلام قاطبة.
  وإن قالوا: للابن اليهودي. خرجوا أيضاً من مذهبهم في إرزاق العصاة والكفار، وصح أن الله سبحانه قد رزق هذا اليهودي هذا الميراث دون المسلم، بل لا يحل للمسلم من هذا المال درهم إلا بإذن أخيه اليهودي ورضاه(١)، سواء كان ذلك في زمان النبي ÷ أو في زمان الإمام # أو في غير زمانهما.
[في قولهم: إن حسنات العاصي معاص]
  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن حسنات العاصي معاصٍ كلها، فما تقولون هل يجوز أمر العاصي بشيء من المعاصي؟ فإن قالوا: نعم. خرجوا من مذهبهم، بل مِنْ مذاهب الإسلام قاطبة.
  وإن قالوا: لا يجوز أمره بشيء منها. قيل لهم: فهل يجوز أمر الفاسق بإخراج زكاته في حال ما هو قاطعٌ للصلاة؟ فإن قالوا: لا يجوز. خرجوا من مذهبهم، بل من أكثر ما يداومون عليه، فإنه ليس شيء من الأمر بالمعروف أحبَّ إليهم من أمر من وجبت الزكاة عليه بإخراجها وإن كان فاسقاً فاجراً، وربما يَدْعُون له بالبركة والخير، ويتقلدون منه في ذلك أو في صنيعه وينفقون أكثرها عليه؛ استدراراً لأمثالها منه.
(١) نهاية ٢٩ أ (ش).