الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم: إن الله لم يرزق العاصي، بل هو مغتصب لرزقه]

صفحة 93 - الجزء 1

  وإن قالوا: يجوز أمره بذلك ولا يكون الأمر معصية. خرجوا من مذهبهم في كون زكاة الفاسق معصية؛ إذ لا خلاف بين الأمة أن الأمر بالمعصية معصية، وقد ذم الله تعالى من يأمر بالفحشاء والمنكر في آيات القرآن الكريم، فقال:

  {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}⁣(⁣١)، وقال: {الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ}⁣(⁣٢)؛ فصح أن إخراج العاصي لزكاته لا يكون معصية، وذلك خروج من مذهبهم.

  ثم يقال لهم: ما تقولون في العاصي أتصح صلاته أم [لا]؟ فإن قالوا: لا تصح. خرجوا من مذهبهم، بل من مذهب الهادي #.

  وإن قالوا: تصح. قيل لهم: فهل صلاته التي فعلها طاعة أو معصية؟ فإن قالوا: طاعة. خرجوا من مذهبهم.

  وإن قالوا: معصية. قيل لهم: فهل ينتقض بها وضوؤه أم لا؟ فإن قالوا: لا ينتقض؛ لأنها معصية عمد. قيل لهم: فهل تصح صلاته بغير ظهارة؟ فإن قالوا: نعم. خرجوا من مذهبهم. وإن قالوا: تصح هذه الصلاة ولا تنتقض هذه الظهارة؛ لأن الصلاة ليست بمعصية. خرجوا من مذهبهم.

  ثم⁣(⁣٣) يقال لهم: ما تقولون في فاسق يصلي في داره هل تصح صلاته أم لا؟ فإن قالوا: لا تصح، ويلزمه قضاؤها. خرجوا من مذهبهم، بل من مذهب الهادي #.

  وإن قالوا: تصح. خرجوا من مذهبهم من مسألتين:


(١) سورة البقرة من الآية ٢٦٨.

(٢) سورة التوبة من الآية ٦٧.

(٣) نهاية ٢٩ ب (ش).