الإحياء على شهادة الإجماع،

جعفر بن أحمد بن عبد السلام (المتوفى: 573 هـ)

[في قولهم في النبوة إنها فعل النبي]

صفحة 95 - الجزء 1

  تعالى أو كلامهم لا كلامه؟

  فإن قالوا: كلامه تعالى. خرجوا من مذهبهم وأوجبوا نزوله وناقضوا في قولهم. وإن قالوا: كلامهم لا كلامه. ظهر عنادهم وبانت مكابرتهم لما عليه أهل الإسلام و ... (⁣١) عن نصوص القرآن، قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ}⁣(⁣٢).

[في قولهم في النبوة إنها فعل النبي]

  ثم يقال لهم: أنتم تزعمون أن النبوة فعل النبي، فهل هي جميع أفعاله⁣(⁣٣) أو بعضها دون بعض؟ فإن قالوا: جميع أفعاله. قيل لهم: فهل كل فعل فعله منها نبوة أو ليست النبوة إلا مجموعها؟

  فإن قالوا: كل فعل منها نبوة. لزم أن يكون نبياًّ في أول أحوال تكليفه وبلوغه وتكليفه⁣(⁣٤)؛ لأنه قد فعل في تلك الحال النبوةَ، وهذ باطل؛ لأن المعلوم من حاله أنه⁣(⁣٥) لم يكن نبياًّ إلا بعد أربعين سنة من عمره. ولزم أيضاً أن يكون من فعل مثل ذلك الفعل نبياًّ، وهذا على طريقتهم ألزم؛ لأنهم يرون أن التكليف متساو، والتمكين أيضاً متساو، والنبوة فعل واحد يفعله الإنسان في ساعة واحدة وهو متمكن منه، فكان لا يبقى أحدٌ إلا وَصَلَ درجة النبوة، وهذا باطل ومعلوم خلافه. وهذا كلام وارد عليهم في كافة الأفعال سواء جعلوها من التكاليف العقلية أو السمعية.


(١) في (ش) كلمة استغلقت علي، صورتها: «وأخرجوهم»، وكُتب فوق الراء «و».

(٢) سورة التوبة من الآية ٤.

(٣) نهاية ٣٠ أ (ش).

(٤) كذا في (ش).

(٥) في (ش): «أن».