[الوجه الأول مماتمسكوا به]
  قلنا: ليس هذا العلم بأولى عندهم؛ لأنهم إنما يدعون تجزؤ النقطة فقياسات(١) غامضة قولهم على هذا(٢) إن العلم ينقسم ليس بأولى.
  وأما المقدمة الثانية - وهي قولهم: ومحال انقسام العلم - فلا نسلم أنها أولية أيضا؛ لأن العلم الذي هو معني يوجب كون العالم عالما ليس مما يعلم ثبوته ضرورة، بل يعلم باستدلال غامض، فكيف يكون العلم بأنه مما يجوز: عليه الانقسام ضروريا أوليا؛ لأن الإشكال إذا جاز أن يعرض في إثبات وجوده فهو بأن يعرض في أن الانقسام هل يجوز عليه أم لا أحق وأولى.
  ثم لقائل أن يقول: ما أنكرتم أن يكون العلم مما يجوز عليه الانقسام، بأن يكون اسما لمجموع أشياء كما أن الكلام اسم المجموع حروف وأشياء كثيرة وإن وقع عليه اسم واحد، ويكون ذاك من أسماء الجمل، وكما أن الجسم مجموع أشياء وإن وقع عليه اسم واحد؟
  فمتى أخذوا في الاستدلال على بطلان ذلك لم يتم لهم إلا باستدلالات غامضة يظهر بها أن ذلك مما يعلم ضرورة علما أوليا، فلم يصح ما قالوه في ذلك، وهذا بين لمن تأمله.
  ثم من أعجب الأشياء أن العلم بأن هذا الشخص المشاهد هو المتصرف في هذه الأفعال، المستحق لهذه الأحكام هو علم أولي ضروري على ما تقدم ذكره، وهو أظهر مما ذكروه، بل أكثر العلوم، والقوم يطلبون دفعه بأمثال هذه الأمور المشتبهة الغامضة، ويدعون مع ذلك كونها أولية، وهذا عكس ما يقتضيه العقل وضد ما توجبه النصفة.
(١) كذا، ولعلها «بقياسات».
(٢) كذا، ولعلها: فقولهم على هذا؟