[أقوال من أثبت النفس]
  معلوم (؟)، فلا وجه لإثبات نفس لا طريق إلى معرفتها، وهذا واضح لمن تأمله.
[٢: أن إثبات ما لا طريق إليه لا يجوز]
  والذي يدل على الثاني وهو(١) أن إثبات ما لا طريق إلى إثباته يفتح باب كل جهالة، ولا يكون إثبات الواحد منه أولى من إثبات ما زاد عليه؛ حتى لا: يكون قول من قال بنفس واحدة لكل إنسان أول من قول من أثبت له نفسين أو نفوسا بعدد كل فعل يظهر منه أو حالة تختص به، ولا يكون من قال بذلك في الإنسان أولى ممن قاله في سائر الحيوانات، فيثبت لها نفوسا على هذا الحد، ولا يكون من قال به في الحيوانات أولى ممن قال به في سائر أنواع الأشجار والنبات وضروب الأبنية والجمادات، وزعم أن لكل شيء من ذلك نفسا هي التي يقع عليها اسمه في الحقيقة والتي تتعلق بها المنفعة دون عينه المشاهدة، ومعلوم بطلان ذلك، فكذلك ما ذهب إليه المخالف؛ لأن الكل من ذلك إثبات ما لا طريق إليه، فيجب القضاء ببطلانه.
  فهذه جملة ما يستدل به أهل التحصيل من المتكلمين لصحة ما ذهبوا إليه(٢).
[أقوال من أثبت النفس]
  وقد تمسكت الفرقة الأخرى لما ذهبوا إليه من إثبات النفس على الحد الذي نذكره بوجوه نحن الآن نذكرها، ونذكر ما أجيبوا عنها؛ لينظر الناظر في ذلك بعين النصفة، فيتبع فيها قائد العلم والمعرفة.
[الوجه الأول مماتمسكوا به]
  فمن ذلك قولهم: لو كان محل العلم منقسما لوجب أن يكون العلم
(١) كذا في المخطوطة: «وهو»، والصواب حذف الواو.
(٢) نهاية ١٩٧ ب.